كنت أتمنى عندما يسألني أحدهم عن بلدي أن أنصحه بزيارتها في شهر رمضان، فهذا الشهر له روعة خاصة في بلدي ليس لها مثيل في أي مكان آخر، هذا الشهر تمتزج فيه حلاوة الإيمان، وحلاوة الطاعة، وحلاوة اتفاق مجتمع كامل على الأكل في ذات الوقت، والإمساك عن الطعام معاً..
إلا أن ما يمنعني عن الدعوة لزيارة بلدي في رمضان هو تحول المجتمع إلى الليل، ففي هذا الشهر لا تكاد ترى أحد يتجول في الطرقات في أوقات الصباح الباكر كغيره من الشهور، وهناك من ربط إجازته السنوية بهذا الشهر الفضيل ليس للتعبد وإنما للنوم وقت الصيام..
نعم رمضان في بلدي مختلف ومميز في كل شيء حتى لو أن الحياة في نهاره تنتهي، فلا مطاعم ولا محلات تسلية، بالرغم من أن هناك من لا يصوم إلا أنهم قلة ولا يحققون دخلاً يغري هذه المحلات أن تمارس أعمالها، نسيت أن أقول أن الداخلية تعلن عن وجوب احترام الصائمين وعدم المجاهرة بالأكل..
الصيام في بلدي أسهل، فلن يضايقك أحد برائحة طعام -إلا إن مررت داخل حي سكني قديم فهناك أطفال غير مكلفين – أو تناول مأكولات، ولكن حتماً ستتضايق من تعامل البشر، فكأن الصيام أرتبط بضيق الأفق وعدم الرغبة في الكلام، وكأن روحانية الشهر لم تتغلغل في ذواتنا، فبالنسبة لي أصعب أمر أن تنهي معاملة في رمضان..
نعم عاد رمضان فهل نجعل رمضاننا هذا مختلف ليس بالعبادة فقط، وإنما بالتعامل، وقيل الدين المعاملة، هل من الممكن أن نبتسم في وجه من نقابل ونتذكر أن الابتسامة صدقة..
يأتينا رمضان هذا العام وجروحنا كثيرة في الأقطار العربية، فثورة مصر لم تضع أوزارها، وما يزال الشباب هناك بعيدين عن التعقل، فمتى ستستقر الأوضاع هناك، وفي ليبيا وسوريا دماء تسفك بغير حق، وجروح تمتهن، فمتى سينتهي هذا العراك العربي..
أهلاً بك يا شهر الخير والفلاح، بالرغم من أننا لا نفعل كالسلف الصالح وهو يدعون ربهم أن يبلغهم الشهر ستة أشهر، والستة الأخرى أن يتقبله منهم، إلا أننا نشتاق لك.. ربما بعدنا عن الدين كثيراً، ولكننا نرغب ونطمع في رحمة المنان..
اللهم كما سلمتنا رمضان فأمنن علينا بإتمامه وتقبله منا.. آمين..
وكل عام وأنتم بخير..