ترتبط كلمات الأغنية في ذهن المتلقي بمجرد تكاملها مع حالة إنسانية سبق ومر بها، وهي في الغالب حالة عشق وهيام تلامس شغاف القلب، وتجد السامع مع تتالي ترانيم الأغنية وتتابع أبيات القصيدة المغناة، يتذكر تلك اللوعة التي رافقت حالة الهيام التي مر بها، وفقط في خيال هذا الولهان يمر شريط الزمن بذكرياته الجميلة تصحبها تنهيدة أليمة تصف حالة الفراق والوجد التي قاساها..
أغنية “أبعاد” لمحمد عبده، إحدى المقاطع التي أحلق بكلماتها وأنا أتذكر مراحل الوجد التي مررت بها أبان أيام المراهقة الأولى، أو بداية الإحساس بالأنثى كطرف آخر سيصبح في أحد الأيام شريك استراتيجي لحياتي، الأشواق التي تفوح من الأغنية تلامس شغاف القلب، فأراني أحلق في كل مرة أسمع بها الأغنية لمواني العشق والذكريات الأولى.
“أبعاد كنتم وألا قريبين المراد إنكم دايم سالمين” بداية كلمات الأغنية وهي رجاء بأن يكون العشيق مهما بعد مكانه سالماً معافى، ولكن العشيق قريب جداً مني، ومع ذلك صعب الوصول إليه، ربما أشاهده من بعيد يجول في مكان ما، ولكن مع ذلك صعب التحدث إليه، فخروجه يكون بصحبة جيش من الأخوة والأخوات لا يمكننا من التواصل معه.
“أشتاق أشتاق وأسأل عنكم الأشواق.. الفراق ما غير علي الفراق” وعندما يأتي هذا المقطع أسلي نفسي بالأشواق العارمة للقيا الحبيب، وأعقد العهد بأني لن أتغير مع كل هذا الفراق، لأمنى نفسي بالحبيب ومحمد عبده يقول “ليلة ليلة ليلة وأدي أحلى ليلة ليلة ليلة”، وأعيش مع المحبوب أتأمل خصلة شعرها الفاحم المنسدلة فوق عينها اليمنى، وشفتيها الورديتان وهي تقترب إلى ساحة الوغى، ليقطع حبل اللحظات الجميلة قبل بدأ المعركة ترنيمة أبو نورة وهي يقول “منيتي أسهر معاكم ليلة ليلة.. وأشتري بعمري رضاكم ليلة ليلة”، فيكون للوجد طريق إلى قلبي، وأتذكر أنني أحلم.
يردد أبو نورة “يراودني أمل في ليلة ألقاكم.. وأطرز بالفرح أحزان فرقاكم” فقط ليعذبني مرة أخرى وأقتنع بأن هناك أمل بلقاء المحبوب، فتزداد حرارة الأشواق وأنا متأكد أنه سيأتي اليوم الذي يكون هذا الفراق مجرد ذكرى غابرة.
يعصف بي الأسى مرة أخرى وأنا أتذكر بأنني لم أستطع التحدث إليها، فتأتي جملة محمد عبده “وعساكم ما نسيتوني عساكم.. وعسى مامر هوى عقبي وخذاكم” فأزفر معها تنهيدة مزعجة، ومع ذلك أسامح وأجد لمن أحب متنفس، ليعود طيف المحبوب ويجول في الخيال فأبتسم وأردد مع أبو نورة “ناطر هواكم ناطر.. قادر ولاني قادر”، فليس لي إلا الانتظار والدعاء بالعبارة ” الله يكون في عون كل العاشقين” لمن هم في مثل حالتي.
للأسف رسام الكاريكاتير بجريدة الرياض عبدالسلام الهليل أفسد متعة ذكريات المراهقة، فمنذ أن شاهدت الكاريكاتير بالأمس وأنا أكرر تحويره للعبارة الجميلة “أشتاق”، إلى كلمة “هاشتاق”، وهذه الأخيرة تستخدم في موقع تويتر لتسليط الضوء على شخص أو فعل ما، ليكتب فيه الجميع سواءً بالسلب أو الإيجاب، وربما القدح أحياناً، فبذلك أفسد الهليل كل متعة للأغنية التي تسامرت معها منذ أيام الصبى..
صديقي عبدالسلام الهليل ببراعتك المعهودة استطعت في ظل غياب الرادع من تشويه كل ذكرياتي الجميلة بهذا الربط المجحف بين جلد الشخص في الهاشتاق، وجلد الأشواق للمحبوب، فقط لتنفي أنه لك حساب في تويتر، وليتك لم تفعل..
عذراً صديقي عبدالسلام الهليل كم تمنيت منذ صباح هذا اليوم أن يكون بالإمكان مقاضاتك على هذا التشويه المتعمد للذكريات.. ولكن لن تنظر المحاكم لهكذا قضية..
اشكرك بعدد مادونت اناملك من حروف أبحرت بي الى شاطئ الذكريات الجميلة التي فعلا اشتقنا لها ولعذوبة الأشجان وصدق وعفوية المشاعر التي تنبع من القلب الى القلب محملة بأبهى معاني الحب والاشتياق الى المحبوب والى الايام التي مضت محملة بباقة من ذكريات المحبوب
اقدم لك خالص تحياتي وتقديري على لطيف عبارتك التي انتشلتني من رتابة الايام وتباعد الخلان
ودمت بألف خير