هذه الصورة وضعها زميلنا عبدالسلام في برنامج (path) فيها نرى كيف أصبح هذا المارق التقني في يد كل إنسان صغيراً أو كبيرا، لم يعد أحد يستمتع بيومه بدون هذا الجهاز، حتى الأطفال لم يستمتعون مثل زمان بلعب الكره أو لعبة (الحبشة)، أو غيرها من الألعاب، هم فقط يستمتعون باستخدام سيئ الذكر أحد الأجهزة التقنية من آيفون أو آيباد أو حتى نوتبوك..
لم يعد هناك شيء اسمه (تسطيح الكره) على الجيران، ولم يعد للدوران في الشارع بـ (السيكل) أي وجود، بل أصبح من النادر أن ترى طفل يجوب الحارة بدراجته، يهتم بها، ويضع لها الزينة من كل مكان، يزودها ببوق تسمع زعيقه من بعد أميال، وصبية الحي يطلبون منه (دوره) على الحي، فهو (الملك) غير المتوج للحارة، هو من يطلب وده كل أطفالها، ورضاه عليهم يجعل من السهل الاستمتاع باللعب.
أين البراءة.. هل ذهبت مع الحياء؟، ولم يعد لهما أي وجود في هذا الزمن، هل افتقدنا جيل زمان، صحيح لكل زمان دولة ورجال، وهذه هي دولتهم يصنعونها على طريقتهم الخاصة، وبأسلوبهم الخاص، بعيداً عن مهاترات كبار السن التي لم تزعزع العروش كما فعل هؤلاء الصبية..
نعم قوة التأثير لم تعد بيد الصحافة ولا التلفزيون، قوة التأثير أصبحت بيد هذا المارق الصغير، من يجيد استخدامه يصبح قادر على تحريك الحشود، وزعزعة العروش، والحصول على ما يريد بأسهل الطرق وبدون أن يصاب بأذى.
جيل تحركه تغريده في تويتر، وتنرفزه تغير حالة في الفيسبوك، ويجيب صرخة من لم يستطع إيصال صوته، ويؤمن بقضية حتى لو لم تكن على صواب، جيل يسمع الصوت ولا يمعن في التفكير، ليصبح ضحية للتطبيل، وهو لم يعرف معنى حوار، ولا حتى ما هي الحقوق، يتحرك من أجل قضية لم يكن هو بطلها، ولا يعلم من المصيب فيها من المخطئ، تحركه العاطفة، ليعلن أنه يريد الانتصار لقضية ليست له، ولا هو بطلها.
جيل تستهويه البطولة المزيفة، لم يجد من القادة من يلهمه ليكون بطله، لم يعاصر معنا الرعيل الأول المخلصين والذين صنعوا الإنجاز تلو الآخر، بل عاصر من امتلأت معدته سحتاً، وأصبح جل همه نصيبه من مال مشروع، وإخفاق مقاول، وزيادة صفر على حجم الرصيد.
إنه جيل لا يعرف من هذه الحياة إلا صوت النقر على حروف الكيبورد.