يقول آدم ستيلزنر رئيس فريق إنزال مسبار (كيوريوسيتي روفر) على سطح المريخ “لقد تمتعت في الليلة الماضية بنوم لم أتمتع بمثله منذ سنوات، وذلك لأننا أتممنا عملنا بنجاح”، وهذه هي حلاوة النجاح، فعمل استغرق سنوات منذ أن أعلنت ناسا في عام 2004 عن طلب المقترحات لرحلة الفضول هذه، إلى أن أطلقت المركبة في 26 نوفمبر 2011 وهبطت كما كان متوقع لها على سطح المريخ في السادس من أغسطس 2012 يستحق أن يفتخر به.
مع كل التعثرات التي رافقت المشروع منذ بداياته إلى إطلاق المركبة لم ييأس فريق العمل، ولم يمل هؤلاء، وهم يعرفون أن كل التجارب السابقة لم تنجح، وأن المركبة الفضائية حتى لو وصلت للغلاف الجوي لكوكب المريخ من الممكن أن تحترق نتيجة السرعة والاحتكاك ويضيع جهد سنين، إلا أنه البحث العلمي الذي يصنع حضارة وتاريخ الأمم.
نعم بالعلم وحده يصنع التاريخ، بالعلم انتصر أجدادنا الأوائل وحرروا العالم من رق الجهل وضيق الأفق، وعندما تخلوا عن العلم تراجعنا كثيراً بعد أن سلمنا الراية لأناس آخرون من دول شتى استطاعوا توظيف المعلومة، ومن علمنا شيدوا صروحاً كثيرة، وطوروا أوطاناً عديدة، لينتفي الجهل وينتصر العقل.
وبالاكتشاف والابتكار يستمر العلم ولا يقف عند حد معين، بهما معاً يتحقق للأمم عزتها، وينهل الجميع من ثمرتهما، ولا تتوقف عجلة الحياة لأحد، وإنما تتقدم الخطى لتحقيق انتصار تلو آخر، يتيح التحكم بكل أصقاع العالم، ويجعل الدول دائمة الارتباط بك.
وبالعمل المستمر تنجح التجارب، ويتحقق الحلم، ليس الفشل عيباً، وإنما العيب هو أن يوقفنا الفشل عن العمل، والبحث وإيجاد الحلول، العيب هو أن لا نتعلم من الأخطاء كيف نحقق النجاح بعد النجاح، العيب هو أن ننتظر غيرنا لينجح ونحن نشاهده مكتوفي الأيدي لم نذق طعماً للنجاح يوماً، العيب هو أن نسب ونشتم فتاة لمجرد مشاركتها في نشاط رياضي، ونقف مكتوفي الأيدي لا نريد أن نبتكر ونكتشف.
نعم هكذا تسود الأمم بالعمل والعمل، والإصرار على تحقيق المنجزات والبعد عن إثارة الفتن والنعرات الجاهلية، ها هي أمريكا تنتصر مرة بعد أخرى، بعد أن دخلت في مجتمع مدني متطور، وتحررت من انتقاص الطوائف، وطورت واختصرت طرق وأدوات وإجراءات العمل، نعم ها هي تجني ثمار مدنيتها.
ترى متى يكون لنا فكر أمريكا..