بالأمس القريب عندما كان جند الله يحققون الإنتصار تلو الآخر، في أراضي بعيدة، كنا عندما نترنم وننشد ونغني، نفخر بالصنيع، ونأيد الجند، ونسأل الله أن يمدهم بالنصر، كانت أناشيدنا فيها الكثير من الحماسة والندية والفخر، وأنتصروا وعاد الأمل لأمة الميار.
قلنا ” كنا جبالاً في الجبال وربما … صرنا على موج البحار بحارا”، وفعلاً كنا صادقين فقد قهرنا أكبر طغاة الأرض، أجبرناهم على الخنوع لنا، وتقبل أمرنا، والإنصياع لطلباتنا، إلى أن أتى منا من يخذلنا ويشتت عزيمتنا، ويعيد سيوفنا لأعناق أصحابنا، حتى كانت التفجيرات هنا وهناك غير مهتمين لوطن، أو حرمة حياة.
بالأمس القريب كنا نقول “قم ودع عنك الرقاد ** إنه الإسلام عاد ** في سبيل الله قد سرنا وأعلنا الجهاد” نعم عاد الإسلام، وأنتصرنا له فيما نستطيع، كانت أناشيدنا قوية بمثل قوة روحنا وأسلامناً، قوية بمثل قوة إيماننا، قوية نصدح بها ونغني ونقول “نحن في الحرب أسود لا نهاب ** وصقور ساميات في السماء ** صهوات الخيل كانت مهدنا ** وعليها قد توارثنا الإباء”، كانت الأناشيد تدفعك لأن ترفع رأسك وتفتخر بدينك، فلا أحد يستطيع مصادرة هذا الشعور منا.
ولكن نجم الإسلام قد أفل مره أخرى، وهذه المره أفل سريعاً، أفل بتقاعسنا عن نصرته، وعدم قدرتنا على حماية حماه، وأصبحنا معه ننشد بخنوع “أوجعيني يا جراحي أوجعيني ** لا تراعي من بكائي وأنيني”، نعم ليس لنا إلا ندب حظنا، والصراخ والعويل على واقعنا، والتذمر من صنيعنا، لم نستطع أن نحمي حوزة الدين ونحافظ على الإنتصار، ليهرب منا الدين بحثاً عن من ينصره.
اليوم أصبحت أناشيدنا أشبه بالأغاني لا ينقصها إلا صوت المعازف، وأصبحت تؤدى بطريقة الفيديو كليب، أناشيدنا أصبحت تجسد أهتمامتنا السطحية فأنشدنا للحب ولوعة الفراق “يعني أفترقنا ما تجي عنك أخبار *** ودي أعرف بغيبتي وش تسويين”، وأصبح أهتمانا “بكلة” المحبوبة هل هي باقية في شعرها؟، “باقي حزينة بكلتك والتلاوين”، و “شدوها” ماذا حل به؟، سطحيتنا أنعكست على كل شيء حولنا.
إختلفت أناشيدنا بأختلاف حالنا فصرنا مؤمنين قابضين على الجمر كما يقول صاحب الأنشودة، وأصبح الأهتمام سطحي فنزل معه ذوق الأنشودة، لم تعد حماسية، بل أصبحت بكائية، لم تعد تستنهظ الهمم، بل أصبحت تحبط العزائم، وستبقى حالنا كذلك إلى أن ننتصر لديننا ونستبري ذمتنا..
