ربما تضايق البعض من سيارات ساهر عند بدء تطبيق الخدمة في العاصمة السعودية الرياض، واعتبروا أن هذا وسيلة لجباية الأموال فقط لا غير، بالرغم من أن هناك من اعتبروا وجود “ساهر” فرصة لتخفيف التهور المروري في الرياض، وكانوا من المتفائلين به وأنا أحدهم، والآن وبعد أن انتشر الكاميرات الثابتة في العاصمة لم نعد نرى سيارات “ساهر” كثيراً في طرقات العاصمة، ترى أين أختفى “ساهر”؟.
وجود “ساهر” خلال الفترة الماضية أمسك بقبضة من حديد على أيدي العابثين في الطرقات، فلم نعد نرى سرعات متهورة إلا فيما ندر، فالنظام لا بد أن يكون له أدوات لردع المخالفين، وغياب هذه الأدوات تزيد العبث بأرواح البشر على الطرقات، وقبل وجود وسيلة الردع والتي كانت في التهور المروري هي المخالفات المالية، لابد من وجود وسيلة لرصد هذه التجاوزات والتي كانت خلال الفترة الماضية في أمرين “ساهر” و “المرور السري”.
نجح “ساهر” كثيراً في الرياض ولكنه لم يغير ثقافة البشر لتكون أكثر احتراماً للأنظمة المرورية، ولم يكرس في أنفس الناس حب النظام الذي نفتقده كثيراً في مدننا، وإنما كان الرادع لوجود العقاب فقط لا غير، ولتوفر أداة قوية لرصد المخالفة للنظام وتوثيقها، ولكن متى ما اختفت هاتين الوسيلتين حتى يختفي النظام.
خلال الفترة الماضية سلمت الشركة المنفذة والمشغلة لمشروع “ساهر” في الرياض جهاز المرور سيارات وسائل الرصد، ليصبح التشغيل ذاتي من المرور، وبعد ذلك أختفى “ساهر” في الرياض، فجهاز مترهل كالمرور لم يستطع الاستمرار في تشغيل النظام كما كانت تفعل الشركة والتي يتوفر في عنصرين مهمين هما سرعة اتخاذ القرار و روح الشباب.
غياب “ساهر” من شوارع العاصمة بين لنا حجم المأساة التي تكمن في طرقاتنا، والتي كنا نتوقع أن “ساهر” أجاد في القضاء عليها، نحن لسنا فقط بحاجة إلى قوة في الرصد للمخالفات، وعقوبات لردع المخالفات، نحن بحاجة إلى تغيير ثقافة، ورفع لمعدل الوعي، من أجل أن تكون فعلا أكثراً احتراماً لطرقاتنا، وقبل ذلك أكثر احتراماً لذواتنا.
ليس “ساهر” هو الهدف، ولن يكون الهدف أسمى ما لم نحرص على إيجاد عيوبنا الشخصية ومن ثم تجاوزها لنكون أمة مثالية، أتمنى أن لا يكون ذلك هو المستحيل.