لعل أصعب اللحظات لدى المريض غير لحظة الألم، هي صيام رمضان، فالأمراض التي من الممكن التعايش معها تصبح في رمضان كابوس مرير، تزيد معها الألم، ويتوق الإنسان إلى أن يتم عمله الصالح، ليجد ما وعد الله به عباده الصائمين، وبين كابوس أن يضطر إلى الإفطار في رمضان، فيصبح في معاناة مع أمرين، ألم المرض والألم النفسي الذي يسببه فطر رمضان.
من الأمراض التي يتعايش معها في غير رمضان مرض السكر والضغط والنقرص والقلب وغيرها كثير، وبين تحري الإغماء والجد والإجتهاد في العبادة يصبح الصائم في صراع بين الألم والتفكير، يحاول جاهداً أن يبتعد عن ما يمكن أن يفسد عليه صومه، أو ما يحقق له رضى ربه، وهؤلاء هم أكثر الناس فرحاً بالفطر، فهم يتحرون لحظة إنتهاء الشهر لكي يبتعد عنهم الكابوس النفسي، ويكونون أسعد الناس بأن أتموا الصيام.
كمدير لديه عدد من الموظفين فيهم بعض هذه الأمراض، أرى كيف يكون يومهم صعباً، وكيف تكون حياتهم أصعب، ولا سبيل لمساعدتهم إلا بالتساهل معهم في وقت العمل، ولكن هل تحقق هنا العدالة مع زملائهم، هي من أصعب اللحظات التي أحاول أن أتجنبها، ومن أصعب الأمور التي لا يمكن تحقيق العدالة فيها، إلا أن هؤلاء لا يحاولون مراعاة حالتهم الصحية، فتجده لا يأخذ وقته الكافي في النوم، ولا يبتعد عن الأمور التي من شأنها أن تفسد عليه متعة الصيام، وهنا تجد في نفسك حرجاً كثيراً من مساعدتهم.
لا إفراط ولا تفريط، معادلة صعب أن تحقق، فهناك من هذه الفئة من تجده يتوق إلى أن لا يفطر في رمضان بسبب المرض، ومنهم من تجده يجد من المرض وسيلة لتحقيق غايات صعب أن نستوعبها، فهي يبحث عن عطف الناس من خلال المرض، لتحقيق نصر شخصي ولو على حساب العمل.
من الأمور ما يمكن أن تعالج من بالجلوس مع الموظف وإرشاده إلى الحل الأمثل، لكن هناك من الموظفين من لا تجد معه وسيلة مثلى للارشاد، فمهما تحاول هو يجد من المرض ذريعة لكي يتعاطف معه الآخرون ويحقق نصر مؤقت، وتبقى أنت كمدير متحرجاً من تطبيق القانون الدنيوي بالعقاب، أو مراعاة الرخصة الإلاهية له والتعاطف معه بحثاً عن الأجر.
همسة
العمل عبادة مثله كالصوم.. فلماذا لا نتحرى الاتقان..