ما إن نسمع صوت الأذان بكل جماله وروعته، يبدأ عندها ماراثون الأكل والإلتهام، وكأننا كنا في مجاعة، لقيمات أو سمبوسة أو قطايف أو أي شيء يؤكل المهم أن نشبع وننسى الجوع، وما إن يسكت صراخ جوعنا فخمسة عشر ساعة نقضيها بدون أكل ليست بالشيء الهين، حتى نبدأ بالحديث عن غزة وجراحها، ونفكر في الصهاينة وكيف يقتلون بدم بارد هؤلاء المرابطين إلى يوم الدين.
غزة جرح يصعب شفائه، وألم يصعب تخيله، غزة وصمة عار في جبين أمة المليار مسلم يصعب أن نجد لها مخرجاً من كل مشاكلها، وتأتي حكومة تل ابيب وتقول أن هؤلاء العزل هم من يصوبون الصواريخ علينا، ولا ترى في المدن الاسرائيلية أي أثر للدماء، أو أي مكان للجراح، فأين هؤلاء الذين يصوبون الصواريخ عنكم.
بعد أن أرخى سرواله إلى أسفل بطنه، وتمدد البطن قليلاً حتى يبحث عن مكان أكثر للأكل ليبان ما تحت سرته، وتناول كأس الشاي المنعنع، أخذ بالحديث عن غزة، وعن أن الإسرائيليين يقتلون الأبرياء، ولم يستشعر حجم الألم، حجم المعناة، حجم الجراح الغزاوية.
إنتهت لحظة الشبع وأزاح قناة الأخبار من شاشة التلفاز حتى يمارس الضحك مع راقصات “واي فاي” ونسى غزة، وهذا هو دائماً حالها، لا تتجاوز أن نتذكرها مع أول صاروخ، ومن ثم ننسى جروحها وننسى المرابطين هناك، وهذا العام بات جلياً كيف نسيناها بقوة، فلم نتذكرها من بداية الشهر الفضيل لأننا مشغولون بكأس العالم.
غزة جراحها أصعب من الكلام، ووصفها أكبر من الألم، والمسلمون لا يسمعون ولا يرون، فقط صامتون، يتعايشون مع الصمت، ويستمتعون بالكلام عن الشهوات، ومن ثم ومع أذان الفجر، يكملون الصيام تحت نسمات التكييف البارد، متناسين كل أنواع الألم والشجن هناك في غزة.
همسة
غزة إلم ينصركي الله.. فلن تجدي لكي منتصر..