لم يتوجه لمناطق الاضطرابات، ولم يروج لنفسه من خلال العنف بالرغم أنه مارس الرياضة الأكثر عنفاً، ولم يقدم نفسه كمجاهد يلوذ عن حمى الأمة، وإنما بين سماحة الدين، وبين كيف يكون الاسلام المعتدل، ورحل وهو يعاني من المرض، ويتألم وحده، وليس من أحد يعلم بحاله وصحة معتقده سوى الله سبحانه وتعالى.
رحل قبل بداية رمضان، وتفرغ بعد أن اعتزل الملاكمة للعبادة، أراد أن يكون موضعه في الفردوس الأعلى من الجنة، وعمل لذلك، نسأل الله أن يتقبله ويتقبل عمله.
رحل الملاكم الأسطوري “محمد علي كلاي”، ولم يكرمه أحد من المسلمين، ولم يتذكره أحد منهم إلا بعد أن توفاه الله، وكأن الذكريات لدينا لا تأتي إلا بعد أن يرحل من بيننا من نحب، نذكر وقتها فقط زيارات وأماكن وجوده، ولا يوجد أحد يؤكد صحة الذكريات من عدمها إلا تلك الصور التي ينشرها المحبون.
“محمد علي كلاي” كان الرقم الأصعب في الرياضة الأمريكية، وكان البطل الأهم في زمنه، وبالرغم من اعتناقه لديننا وسماحته واعتداله، لم يحاول أحد أن يوظف هذه الميزة في تكوين صورة أجمل عن الدين الاسلامي، ولم يفكر أحدهم في ذلك بعد أن شوهت الأحداث العالمية صورة الاسلام، وعندما توفي تذكره المسلمون وبدأت تتناول إنجازاته في خدمة الاسلام عبر الوسائط التقنية.
رحل “محمد علي كلاي” الأسطورة الرياضية، والمسلم الذي خدم دينه، وهو ليس بحاجه لأن ينعيه أحد، فقد عاش بعيداً عن المتسلقين لسنوات عديدة، وقدم صورة أجمل عن دينه بعيداً عن هواة التصيد للإنجازات، هو فقط بحاجه لأن نتذكره بدعوة صادقة بأن يرحمه الله ويكرم مثواه في شهرنا الفضيل.
كل عام وأنتم بخير
