هل نحن نزداد غلواً؟، هذا السؤال الصعب الذي لا نعرف الإجابة عليه، ولا يمكن أن نجد له إجابة نظراً لأننا لا نعرف هل بدأنا بالتشدد، أم أننا كنا على خطأ، والآن بدأنا بالتحول للصواب، فمذ سنوات بسيطة خلت، تغير وضع دعاء القنوات في رمضان، وتحولت بعض المساجد من ترتيل الدعاء إلى قراءة الدعاء بدون ترتيل، حتى أصبحت المساجد التي لا ترتل الدعاء في هذا العام تساوي أو تنقص بقليل عن المساجد التي ترتل.
هذا التباين بين المساجد، جعلني أذهب إلى المسجد إلى الحي الذي عشت فيه فترة الطفولة والمراهقة، لأجد أن مسجد حينا أصبح كذلك لا يرتل الدعاء، فما الذي تغير.
لست من أهل الفتوى، ولكن هذا التغير الذي حدث في سنوات قليلة يجعلني أفكر ملياً في تحولاتنا الفكرية، ومغالاتنا في الدين، فما الذي تغير في المجتمع حتى نجد هذا التغير.
دائماً التغييرات الكبيرة تظهر من شرارة بسيطة، والتحول في مسألة دعاء القنوت بدأ منذ سنوات، فلم نعتد من إمام الحرم أياً كان ألا يرتل الدعاء.
تذكرت حكايا والدي في شبابه، عندما كان يروي لنا عن أنه لم تكن هناك قيود في المجتمع، وكانت ألعابهم جماعية بين الفتيات والشباب، والآن مجتمعنا تغير جذرياً، فمخاطبة الأنثى شيء من عمل الشيطان فكيف بالضحك معها.
حياتنا أصبحت أبسط، وفي المقابل أفكارنا أصبحت أصعب، وبالرغم من عدم وجود العوائق في بيئة الإنترنت بين الجنسين، إلا أنها على أرض الواقع معضلة لم نستطع تجاوزها، فلا شبابنا قادر على التعامل مع الأنثى، ولا بناتنا يستطعن حماية أنفسهن، علاوة على وقف التجاوزات.
نعود لموضوعنا الأساسي، مجتمعنا وعلى اتساعه مستمر بالتغير، فكيف يوجه هذا التغير للوسطية بدون غلو ولا مغالات، هذه هي المعادلة الصعبة التي لم نستطع تحقيقها.
همسة
هذه التدوينة مجرد محاولة لوضع خط عريض تحت تحولاتنا الفكرية.