تغيرت معالم الحياة كثيراً خلال السنوات الماضي، وتغيرت التصرفات أيضاً، وزادت الحريات مع انفتاحنا على شبكات التواصل الاجتماعي، وأنعكس ذلك بشكل أو بآخر على واقعنا، فأصبحنا نرى الأمور من زوايا مختلفة، وأصبحت القدوة لبعض المرهقات شاب ميزته الوحيدة أنه قادر على إضحاكهن من خلال الإنترنت.
من يراقب الإنترنت، ومن يقرأ بعض التعليقات على مقاطع اليوتيوب الخاصة بقنوات بعض الشباب، يلحظ وجود تجمع للمراهقات هنا وهناك، هدفهن هو دعم هذا الشاب لإيصال عدد المتابعين، أو عدد نقرات الاعجاب على مقاطعه إلى أعلى رقم، بل أصبح التنافس فيما بينهم لإيصال عدد مرات المشاهدة أو مرات الاعجاب – بطلب الشاب طبعاً – إلى رقم قياسي في وقت قياسي، غير مطلعين على أن هذا الشاب يحصل على الأموال من الموقع الذي ينشر فيه بمجهوداتهن الشخصية، ولن يكون لهن أي نصيب من هذه الأرباح.
تذكرت البدايات الأولى للنشر على موقع اليوتيوب من بعض الشباب السعودي الذي يقدم محتوى هادف ومفيد، لا يحتوي على اسفاف، أو على ضحك على العقول، كيف خرج من هذا العالم بسبب دخول المحتوى الترفيهي، وسيطرت المحتوى الذي لا يقدم فائدة تذكر على مواقع النشر المرئي، ووجود اقبال منقطع النظير له من قبل الفئات السنية الأصغر، وفي المقابل بقي المحتوى الهادف يراوح في مكانه، حتى حسمت المعركة الأولى وخرج مجموعة من اصحاب المحتوى الهادف من الفضاء الإلكتروني.
قال صاحبي ذات مره، لو سحبت أجهزة الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، وأجهزة الحواسيب، من الفئة السنية وخصوصاً الفتيات بين عمر 9 سنوات و 18 سنة، لن تشاهد أصحاب المحتوى غير الهادف على الإنترنت، فهم يستغلون بساطة عقول هذه الفئة السنية، وسهولة تغيير أفكارهم، وعدم معرفة أولياء الأمور ومتابعتهم لما يشاهد أبنائهم على الإنترنت.
وفي المقابل تجد هذه الفئة السنية من الصبيان، غارقون في مواقع الألعاب، واللعب من خلال الإنترنت، ويتابعون المحتوى المرئي الذي ينشر هذه المقاطع على مواقع اليوتيوب، وليس هم الهدف في هذه التدوينة.
لا نستطيع التعميم على جميع من ينشر على اليوتيوب أو على سناب شات، أو المواقع الأخرى التي تقدم المحتوى المرئي، بأنهم لا يقدمون محتوى، وإنما جلهم استطاع أن يصل لمستوى تفكير هذه الفئة السنية، ربما لأنهم ولدوا من رحم الإنترنت، واستطاعوا سبر أغوارها ومعرفة جميع مقوماتها ومفرداتها، وبالتالي كان تأثيرهم أقوى، ووصولهم للمرهقات أفضل، فلماذا لا يوجه من ينشر هذه المقاطع إلى الطريق الصحيح، ويقيم سلوكهم، ويستفاد منهم في تكريس المفاهيم الأساسية، لا هدم الأخلاق الحميدة.
أولياء الأمور أيضاً لا يعرفون كيف يحتوون أبنائهم، ويقيمون تعاملهم مع الإنترنت، ومدى استخدامهم لها، وماذا يشاهدون هناك، بل إنهم يتركونهم بدون أي توجيه، وربما إذا لاحظوا تصرفات أو عبارات لا تروق لهم يكون العقاب هو المنع والابعاد وسحب الأجهزة، وهذا بدوره لا يعالج مشكلة، وإنما الحوار الهادف والعقلي والمنطقي هو الأسلوب والوسيلة الأفضل لتقويم سلوك أبنائهم، والخروج بهم لبر الأمان.