حدثني صاحبي ذات يوم، كيف أن ابنه المراهق أتى إليه ليخبره أنه يصور طريقة لعبة لألعاب البلايستيشن وينشرها على موقع يوتيوب، أضاف صاحبي أنه تفاجأ من هذا التصرف، فلم يكن يتوقع أن يسمع هذا الشيء من ابنه في يوم من الايام، ولو تصفحنا مواقع النشر المرئي على الإنترنت لوجدنا عشرات القنوات لمراهقين شباب ينشرون طرقهم في اللعب، والحيل والمهارات التي يقومون بها.
في جلسة عائلة، تحدث أحد أقرابنا مع ابن أخي مستغرباً طريقته في اللعب مع ابن عبر الفضاء الإلكتروني، ومن خلال نفس الجهاز، طرف الحوار كان فيه قريباً يعبر عن أنه قام فزعاً ذات يوم، وابنه يصرخ وكأنه في معركة، ويطلب من ابن أخي تغطيته في الحرب، يقول قريباً ارتعت كثيراً، واستغربت أكثر، واعتقدت أن أحدهم سطا على منزلي، وما أن وصلت لغرفة ابني وفرائصي ترتعد، إلا وهو في قمة الاندماج والتوتر واللعب.
هذه التدوينة امتداد لتدوينة “حرب المراهقات”، فالمراهقين ليسوا ببعيدين عن الإنترنت، ولكن اهتماماتهم مختلفة عن المراهقات، وهذه الاهتمامات تلقي بضلالها على الشارع العام، فتجد كيف يتعامل المراهقين مع المواقف، فهم تعودوا على لغة السرعة، وفي ذات الوقت على لغة العنف، وعلى التلاعب بالأعصاب، فأغلبهم انطوائيين لا ينخرطون مع من يحمل غير اهتماماتهم بسهولة.
تطوير الذات أحد السمات المطلوب تنميتها في الفئة السنية من الأولاد والبنات أيضاَ من عمر 9 سنوات إلى 18 سنة، ومن سبل التطوير التي يجب اتباعها مع الأولاد، تعليمهم وتدريبهم على تحمل المسؤولية، واسناد بعض أعباء المنزل لهم، وتعليمهم كيف يكونوا فاعلين في المجتمع من خلال انخراطهم في بعض الأعمال التطوعية.
ترك أبنائنا على الإنترنت لساعات طويلة، سواءً للعب أو لمتابعة المقاطع أو غيرها، ما هي إلا وسيلة لإنتاج جيل غير مسؤول وغير مبالي، جيل لا يستطيع أن يعرف من الحياة إلا ما انحصرت مشاهدته له، وما أملاه له من يؤثر ويحرك المجتمع من خلف الشاشة.
الإنترنت أغنتنا عن العالم الخارجي، وأصبح كل شيء من خلالها يستثمر ويشاهد ويطلب، ويصل إلى منزلك، نستطيع أن نعيش عليها ونقتات منها، وهذا لا يعني أن نستغني عن العالم الخارجي، فللعالم الخارجي رونقه وتحدياته، ومهاراته المختلفة، التي لا يجب أن نغفل عن تعليم أبنائنا كيف يتعاملون معها.
همسة
جيل اليوم صعب.. والتحديات أصعب.. ومهاراتنا كأولياء أمور لم تواكب هذه التحولات، فهل نستطيع أن نتعلم كيف نحمي فلذات أكبادنا منها، بوسطية وبدون غلو.