بدأت حركة الملاحة الجوية في منطقة الخليج تحديداً من السعودية، فالخطوط السعودية أنشأت في عام 1945، تلاها في الإنشاء طيران الخليج في 1950، ومن ثم الطيران العماني في 1981، وبعدها طيران الامارات في 1985، وبعد ذلك الخطوط القطرية في 1993، ثم طيران الاتحاد في 2003، وطيران البحرين في 2007، وظهرت تقريباً من عام 2000 خطوط تجارية كثيرة في المنطقة مثل العربية وفلاي دبي وناس والنيل.
ومن هذه التواريخ ومن تغير مراكز القوة بين شركات الطيران الخليجية في السنوات الأخيرة، نجد أن العمر الكبير للخطوط السعودية مقارنة بالسوق التي تعمل عليه يبرهن عن فشل إداري، وفشل تسويقي، وفشل تشغيلي، فهي لم تستطع مجاراة التحول العام لتترك بعض الأسواق لطيران الامارات وطيران قطر الذين كان أنشائهما بعدها بأكثر من 40 سنة، وبالرغم من أن الخطوط السعودية مدعومة بشكل كبير إلا أنها لم تستطع تحقيق مكاسب كبيرة، حتى بدأت بعض الشركات في منافستها في السوق المحلي مثل “فلاي دبي” والمملوكة لطيران الإمارات.
تزامن مع إنشاء الخطوط السعودية تشييد مطارات حديثة في وقتها، إلا أن هذه المطارات تهالكت بفعل الزمن، وتوقفت المطارات عن التطور، حتى أصبحت غير مفضلة للجميع، فمطار الرياض مثلاً يحتوي أربع صالات صغيرة مقارنة بصالات المطارات العالمية تعمل منها ثلاث صالات فقط، ضم إليها صالة خامسة قبل أشهر، ومع ذلك تجد تكدس المسافرين وسوء التنظيم عند تعامل خطوط الطيران الاقتصادي مثل العربية وفلاي دبي وغيرها مع صالات المطار.
السبب الحقيقي وراء تراجعنا في سوق النقل الجوي سواءً من ناحية المطارات أو الطيران، هو اننا بدأنا قبل دول الخليج الأخرى، وبالرغم من أفضلية البداية إلا أننا لم نستطع الاستفادة منها، ولم نستطع أن نتطور ونجاري من استخدم التقنيات الحديثة وتفوق علينا، نحن رضينا بأفضلية البداية ولم نستوعب جيداً درس التطور حتى أوشكنا على الخروج من السوق.
للسعودية أفضلية من غيرها، فهي موجودة في المنتصف وتستطيع أن تربط الشرق بالغرب، وهذا هو التوجه الذي نصت عليه رؤية السعودية 2030، ولكن أن نبقى بتقنيات وأليات الأمس فلن يفيد هذا، ولن يتم صناعة قصص نجاح من خلاله، الأهم أن نستفيد من درس التطور، ونجاري العصر ونحاول جلب الخبرات مرة أخرى وتقييمها ومواكبة التطور حتى نستطيع المنافسة.
نحن بحاجة لإعادة تطوير مطار الرياض، وتغيير مفهوم موظفين المطار مع المسافرين أو حتى مع موظفي الخطوط الجوية الأخرى، وأيضاً نحن بحاجة لصناعة مفهوم النظام في المطار في العاملين قبل المسافرين، نحن بحاجة لأن تتحرك الخطوط السعودية وتحسن من خدماتها وتحسن من أسطولها، وترفع من قدرات منافسيها، نحن بحاجة إلى شركات طيران محلية أخرى تواكب العصر وترفع من حدة المنافسة، نحن بحاجة للتوسع في العمليات الجوية لنصل إلى كل مدينة في العالم.
نحن بحاجة لتفعيل دور أكبر لمطاراتنا الدولية في تبوك، وأبها، والدمام، والمدينة المنور، والطائف، بالإضافة إلى المطارين الرئيسين في الرياض وجدة، ولا يوجد مانع من الاستفادة من التجارب الأخرى، أو حتى تقليدها، فاليابان تحتوي عاصمتها على مطارين، أحدهما مخصص للرحلات المحلية، والآخر للرحلات الدولية، والسعودية مترامية الأطراف، وربما هي بحاجة لذات الشيء.
من حولنا استوعب الدرس أسرع من شركاتنا، لذا استطاع أن يستقطع الكثير من حصتنا في سوق النقل الجوي حتى أصبح السعوديين يفضلون شركات الطيران الأخرى على شركاتنا المحلية.
همسة
إن لم تواكب التغير.. وتتطور.. ستموت..
أحسنت محمد، أصبحنا متخلفين كثيراً في كل ما يخص الطيران، ابتداءاً بالخطوط السعودية وانتهاءاً بهيئة الطيران المدني ذات الأداء الضعيف والمتدني ..
الجميع يسبقنا بمراحل، ونحن مازلنا نحبو مع أننا الأكبر سناً والأكثر خبرة.