من قبل جيل الشبكات الاجتماعية، لم يكن موضوع الرؤية ولا كيف تكون واضح للجميع، ولا حتى ماذا يفعل المتحرين لرؤية هلال بداية الشهر الفضيل ولا هلال العيد، كانت الحرب بين الفلكيين ومتحري الرؤية على أشدها في كل مرة، حتى سمعنا بعضاً من الأحاديث التي تدعي اخضاع متحري الرؤية لفحص نظر وغيرها، واليوم تغير الصورة بشكل كبير.
ما غيرته مواقع التواصل الاجتماعي ومنصة “سناب شات” هو أن متحري الرؤية في الأصل فلكيين، يرصدون الهلال كل شهر، ويتابعون مواقع القمر، ويسجلونها، ويستخدمون الأدوات الفلكية والمناظير في رؤية الهلال، ويؤدون العمليات الحسابية لذلك، ولكن في النهاية يتحرون الهلال فإن شاهدوه ثبتت صحة حساباتهم، وإن لم يشاهدوا لم يثبت دخول الشهر أو خروجه.
لعل هذا يضعنا في مفترق طرق، فمناطق الرؤية والتي تتابع حركة القمر، وترصد وضع الشمس، وحركة الكرة الأرضية، والنجوم، تثبت عجزنا على التحول إلى دولة رائدة في علم الفلك، فبالرغم من الإمكانات والعقول التي حباها الله في هذه المناطق، إلا أن استثمارنا فيها محدود جداً ولا يقارن بحجم التحرك الذي يقوم به متحري الهلال، وإن كان ذلك باجتهاد شخصي منهم.
حاجتنا لتحويل مناطق الرؤية مثل منطقة سدير إلى مركز لعلوم الفضاء، وعلوم الفلك، ومرصد فلكي اسلامي عالمي، بات ضرورة ملحة، وحاجة قائمة لا يمكن اغفالها، فالمنطقة التي تثبت دخول الشهر وخروجه لسنوات خلت ولمنطقة الخليج بالكامل، لا بدأ أن يفكر بها بشكل مختلف، وتستثمر في المكونات التي حباها الله سبحانه وتعالى لها، وهذا ما سيساعد السعودية لتحقيق رؤيتها 2030.
منطقة سدير في الفترة الأخيرة باتت على وجه التحول لمنطقة صناعية، وربما من عوامل التلوث بعد سنوات سيفقد الفلكيون القدرة على الرؤية، فلماذا لا نرى الأمور من منضور مختلف، ليس كل شيء نريد تطوير، نقوم بتحويله إلى منطقة صناعية، هناك من العلوم والإمكانات ما يمكن من خلال الاستثمار فيها تصميم ميزة تنافسية لكل منطقة من مناطق المملكة.
نحن بحاجة إلى إعادة قراءتنا لمناطقنا ومميزاتها، ومن ثم تحويل كل منطقة إلى رافد علمي أو اقتصادي، فلو نظرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لوجدت أن الغرب الأمريكي في كاليفورنيا اشتهر بالتقنية، وتكساس اشتهرت بالنفط وصناعة الشاحنات، وغيرها من الولايات، ونحن لكل منطقة صبغتها الخاصة، ومميزاتها وإمكاناتها غير المستغلة، فمتى نستطيع توظيف مميزات المناطق؟.