أرادت داعش أن تثبت قوتها من خلال استهداف مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنها أثبت بتصرفها هذا أنها الأكثر جهلاً، فلم يستطع كفار قريش من إلحاق الضرر بالمدينة بالرغم من سطوتهم وقوتهم، والمدينة المنورة ستبقى رمز للأمان حتى في عصر الدخال عن أنَس بْن مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إِلا مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ) – متفق عليه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتى على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه. هلم إلى الرخاء، هلم إلى الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه، إلا أن المدينة كالكير تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها كما ينفى الكير خبث الحديد.
من يتمعن في هذا الحديث يجد أن المدينة المنورة كما قال أفضل الخلق لا تصبر على الخبيث، وتطرد وتبعد الخبيث منها، فما بال داعش تستهدف مدينة رسول الله، مدينة لا يستهدفها ويستهدف أمنها بشر إلا خبيث، وداعش إنما أذنت على نفسها بحرب من الله ورسوله باستهدافها خير البقاع.
المدينة المنور بلد آمن لا يدخله إلا من أمن نفسه، فيها بركة كبيرة، وفيها خير وفير، حتى مع عظم التفجير، أمن الله الصائمون وأتموا إفطارهم، ولم يتغير في الحرم شيء، أكمل المسلمون صيامهم وصلاتهم بعد التفجير في أمن وأمان، المدينة بلد الأمان حتى من الدجال، فكيف يستهدفها شرار الخلق، نعم إنهم شرار الخلق فاستهدافهم للمدينة المنورة أكبر برهان على ذلك.
داعش بفعلها هذا فهي تعلن نهايتها وتضرب المسمار الأخير في نعشها، فكفار قريش عندما استهدفوا المدينة المنورة في غزوة الأحزاب في العام الخامس للهجرة، إلا وأثبت الله ضعفهم بعدها في صلح الحديبية في العام السادس للهجرة، وفتحت مقر سيطرتهم مكة المكرمة في العام الثامن للهجرة، فهل تعلمون يا دواعش كم من باب فتحتم على أنفسكم.
بالأمس لم يكن يوماً عادياً على المسلمين، ولا علينا في السعودية، فثلاثة تفجيرات أحدهما في جدة والآخر في المدينة والآخر في القطيف، تثبت أن داعش لا تفرق بين حرمة شهر، أو حرمة بلد، أو حرمة مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا) – متفق عليه.
ختمنا شهر رمضان ثلاثون يوماً نهايته أستشهد فيها مجموعة من المسلمين الصائمون، تماماً كما كان يفعل صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواتهم، فهنيئاً لهم بالشهادة، والحمد لله أننا نستطيع أن نحمي حرمة الديار، ليس كما يفعل الفجار، فلم يستطيعوا أن يصيبوا أي زائر للمدينة المنورة فهم في حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عذراً رسول الله لقد آذوك في قبرك، ولن يستمر بقائهم كثيراً، سيرحلون ويرد الله كيدهم في نحورهم، وستبقى دارك الملاذ من كل صروف الدنيا، عذراً رسول الله.