الكثيرون يتحدثون عن دور المساجد في رمضان، وعن السفر المدودة في رمضان في أغلب المساجد، وعن الجدوى منها، ومن المستفيد منها، وقد يرى بعضهم أن آثارها الاقتصادية لا تصب كثيراً في مصلحة البلد، كون المستفيد منها أولاً وأخيراً هم غير السعوديين، حيث تتوفر لهم وجبة يومية فيها ما لذ وطاب لمدة ثلاثون يوماً، بالإضافة إلى إمكانية أخذ أكثر من وجبة لبقية اليوم، مما يعني المصاريف التي كانت تنفق على الأكل داخلياً، أصبحت توفر وتحول للخارج.
وقد يكون في هذا الطرح وجهة نظر صائبة، إذا ما كانت اقتصادية بحتة، فالمال الذي يدفع من المحسنين ينعش المطاعم، ومرافق الكماليات، طيلة الشهر الفضيل، وذلك من خلال التجهيز لهذه السفر الرمضانية، أما الناحية الأهم وهي الناحية الدينية، والتي يركز عليها أغلب المتبرعين لهذه الموائد، أن من يتبرع لهذه الموائد لا يفكر بمدى استحقاقهم للصدقة، وإنما يفكر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا)، فهو يبحث عن الأجر أولاً وأخيراً.
وفي المقابل تجد أنه من بين من يفطر في المساجد غير مسلمين، يستفيدون من هذه الفرصة المتاحة لهم بالأكل والشرب بالمجان، ولا أحد يتابعهم أو يحاول أن يرى أثر هذا عليهم، حيث أن في كثير من الذين يشرفون على هذه السفر لا يهتمون لهذا الشأن، وبعض هذه السفر يشرف عليها عامل المسجد بنفسه، وبالتالي فالأجر الذي كان يهدف له المتبرع من تفطير صائم لم يتحقق.
مشاريع افطار الصائم وخصوصاً التي تقام داخل المدن وفي المساجد، بحاجة إلى قليل من التنظيم والترتيب، بالإضافة إلى ضرورة وجود تصاريح لتنظيمها، وأيضاً وجود تقارير عن هذه الموائد من ناحية عدد المستفيدين منها، والمبالغ التي تصرف عليها، وجدولة أنشطتها، فلا يكتفى بالتفطير فقط، وإنما بالدعوة إلى الله أولاً، وثانياً تعليم من يفطر في المسجد وأغلبهم من العمالة البسطاء بعضاً من مهارات الحياة اليومية، وشيئاً من القراءة والكتابة باللغة العربية.
وجود خطة عمل وجدولة وترتيب للمهام التي سيقوم بها المسؤول عن السفرة الرمضانية من المهم أن تكون مطلب أساسي للحصول على تصريح اقامتها، وستكون السفرة الرمضانية رافد أساسي لإيصال رسالة مهمة لهذه الفئة الغالية علينا، والتي اغتربت عن أوطانها لتقوم بمهام ابتعد عنها أغلب أبناء البلد.
أيضاً لا بد أن يوجه الصرف في إنتاج الموائد الرمضانية على الأسر المنتجة، من خلال وضع تكلفة محددة لإفطار الصائم الواحد، وتحديد نوع المكونات التي من المفترض أن تستخدم لصناعة الغذاء، ومن ثم توجيه الاسر المنتجة بالالتزام اليومي بتجهيز هذه الموائد، مع التزامهم بالمواصفات والاشتراطات الموضوعة.
إذا ما تحقق ذلك سيحصل المحسن على أجر افطار صائم، وأجر دعم أسرة منتجة متعففة، وأجر تعليم مسلم، وأجر دعوة وتوعية وارشاد للمسلمين، متى ما كان هناك خطة عمل واضحة ودقيقة، وهذا سيؤدي إلى تفعيل دور المسجد كمركز تعليمي وجامعة، أسوة بما كان يعمل به في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.