المشهد الأول
يدلف الأب وأبنه المسجد، يبدأ الأب في صلاة تحية المسجد، يجلس الابن ممسكاً هاتفه النقال، يتصفح مواقع شبكات التواصل الاجتماعية، فهنا يقرأ تغريدة في “تويتر”، وهنا يشاهد صورة في “انستغرام”، وهنا يرد على محادثة في “سناب شات”، ينهي الأب صلاته، يمسح رأس ابنه، ويتشاوران في بعض ما يريانه من صور، يدلف الإمام وتقام الصلاة.
المشهد الثاني
يقف الإمام على المنبر ويلقي تحية الاسلام، يبدأ المؤذن برفع أذان صلاة الجمعة وتأدية الأذان الثاني، يدلف الجامع شاب عشريني، وفي وسط الجامع يجلس متكياً، يبدأ الإمام بالخطبة، ويتناول هذا الشاب هاتفه النقال، ولا يبالي بأي شيء، يتصفح مواقع الشبكات الاجتماعية، ويبدل من موقع لآخر، ويشاهد محادثات الوتساب، ويصور وينشر، تقام الصلاة، يصطف الجميع لتأدية الصلاة، وبعد الصلاة يعود الشاب للممارسة التواصل عبر مواقعه، رجل أربعيني بجانب الشاب، ينصحه ويطلب منه الخشوع فهذا جامع، وهذه صلاة، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة هو الصلاة، يهز الشاب رأس، وبعد أن يرحل الرجل يحمد الشاب الله أنه ليس متخلف.
أصبحنا لا نستغني عن شبكات التواصل الاجتماعية، ولا عن هواتفنا النقالة، فتجد أول ما ترى أعيننا كل صباح هذا الجهاز الصغير، وآخر ما نغفوا عليه هو هذا الجهاز، أصبحنا نشرك العالم في كل تفاصيل حياتنا، نخبرهم ماذا نأكل، وماذا نشاهد، وكيف نصلي، بل ونسمعهم دعائنا، لم نعد نستطيع التخلص من هذا الإدمان المعلوماتي.
وفي المقابل هل تساعدنا شبكات التواصل الاجتماعي على تحقيق التواصل الفعلي مع ذوي القربى، أم أننا نفضل التواصل مع من لا نعرفهم، على صلة الرحم الواجبة علينا، فرصة تلوح في الأفق، لم يبقى عن العيد إلا أيام قلائل، فلتكن أرواحنا طاهرة، ولنفكر بمن لهم حق علينا من ذوي القربي، ونحاول أن نصلهم.
في الضفة الأخرى من الحياة، لنحسن علاقتنا بربنا بعيداً عن وهم التواصل الافتراضي، ولتكن عبادتنا خالية من الريا، خالصة لوجهه سبحانه وتعالى، حتى نصل لتلك الضفة آمنين سالمين، وقد غفرت ذنوبنا كلها، لنسكن في دارنا الخالدة، جنة الخلد.
همسة
اللهم أختم بالصالحات أعمالنا