في آخر ثلاث بطولات لكأس العالم تسيدت القارة الأوربية الموقف، وحققت المركز الأول في الثلاث نسخ الأخيرة (ايطاليا 2006، اسبانيا 2010، ألمانيا 2014)، وفي البطولة الاخيرة والتي كان من المعروف دائماً أن البطولات التي تستضاف في أمريكا اللاتينية يكون البطل بها من اللاتين لم يذهب منتخب البرازيل إلى أبعد من المركز الرابع بل أرهق الألمان شباك البرازيل بثمان أهداف، زلزلت عرش كرة القدم، وغيرت مفهوم اللعبة.
اليوم ونحن على أعتاب كأس عالم جديدة هل نرى رجوعاً لثوابت كرة القدم، ونرى منتخب البرازيل متسيداً للكرة من جديد، أم يستمر الوضع بتسيد للقارة الأوربية للمشهد، لا سيما وأن أحد أبرز فرق القارة الاوربية لم يتأهل للنهائيات وهو ايطاليا، أم نشاهد فريقاً جديداً يغير المعادلة مرة أخرى، ويقلب طرف المجن على ثوابت كرة القدم كما فعلت كرواتيا في عام 1998 عندما حلت ثالثاً، وكوريا الجنوبية في عام 2002 عندما حلت رابعاً.
من توقعاتي أن كأس العالم لهذا العام سيكون مختلف بشكل كبير، وسيشهد تحولات جذرية، فأنا متفائل في تأهل الرباعي العربي (السعودية، مصر، المغرب، تونس) إلى النهائيات، وربما سيذهب أحد هذه الفرق أبعد من الأدوار التمهيدية، فنحن نرى حراكاً على مستوى مختلف من الدول الأربعة، فلاعبي مصر أصبح لهم تأثيراً عالياً في الدوريات الأوربية والتي تعتبر من أقوى دوريات العالم، ولنا في محمد صلاح خير مثال، وكذلك تونس والمغرب فهم تفهموا مبكراً الأمر، وأيقنوا أن الاستثمار في العنصر البشري هو الباقي، لذا تجد احتكاك اللاعبين من الدول الثلاث في دوريات العالم أصبح ملحوظاً ومشاهداً لصقل الخبرات، وتنويع المهارات، ونقلها إلى داخل الوطن.
السعودية أيضاً هي الأخرى وصلت لهذه الفكرة، فنجد أن الفترة الأخيرة شهدت حراكاً سريعاً على الساحة الرياضية لنجد أنه أرسل أكثر من لاعب للنوادي أوربية سواءً لتحسين اللياقة أو تقوية العضلات أو المشاركة في الدوري مع النادي مثل (يحيى الشهري، سالم الدوسري)، وهذا من شأنه أن يزيد من احترافية اللاعب السعودي، ويزيد من تنوع مهاراته، وصقل تفكيره، من خلال الاحتكاك بأباطرة كرة القدم، لينعكس هذا بشكل ايجابي على أداء السعودية في كأس العالم 2018.
المباراة الافتتاحية والتي لم تعد بعيدة ستكون هي الأخرى نقطة محورية في تاريخ الكرة السعودية، فالبلد المضيف (روسيا) يلعب أمام المنتخب السعودي، ولا شك أن نتيجة هذه المباراة ستشكل فارقاً للسعودية، فإن حققت السعودية نتيجة ايجابية سينعكس ذلك أداء اللاعبين وثقتهم في أنفسهم في المباريات التالي، وإن كنت متفائلاً كثيراً بنتيجة المباراة فشبابنا أصبحوا أكثر وأعياً وحرصاً وتحملاً للمسؤولية.
لا يشمل المشاركة في كأس العالم فقط لعب كرة القدم، وإنما هناك تحديات أخرى ومختلفة، فالعالم اجمع يشاهد المباريات، ويراقب المدرجات ويتعرف على ثقافة الشعوب من أهازيجهم، واحترامهم للمدرجات، وصورهم التي تبثها وكالات الأنباء، فالأجدر بمن ينوي الحضور في الملعب أن يهتم بأن يعكس أخلاقنا وثقافتنا بشكل تحترمنا من خلاله الشعوب.