ربما لا تسعفنا الأيام لنكون من السباقين في الاعتذار ممن أخطأنا في حقه، ربما لا يحول الزمن بيننا وبين بعض من أذينا، وربما نكون من المحظوظين الذين ينامون ليلاً وهم لا يكنون أي عداوة لأحد، ينامون بعد أن سامحوا من أساء لهم، وهم يستطيعون التحكم في تصرفاتهم وشخصياتهم لكيلا يؤذون عباد الله.
القدرة على السيطرة على الأعصاب، والقدرة على التحكم في العبارات التي تخرج منا هي مهارة يصعب اتقانها، وتحتاج إلى تدريبات كثيرة حتى نصل لأعلى مراحل الحلم، وكبح جماح الغضب، والسيطرة على الانفعالات، وغالباً ما تكون أول الطرق المفيدة في هذا هي الوضوء والصلاة، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الغضب من الشيطان والشيطان خلق من النار والماء يطفئ النار فإذا غضب أحدكم فليغتسل).
وكذلك تكون السيطرة على الانفعالات بتغيير الحالة، فمثلاً إذا كنت جالس فغير وضعك وقم أو أستلقي، فهذا مدعاة لتخفيف الانفعالات، وكبح جماح الغضب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع).
وعندما يتملكك الغضب لا تنبس ببنت شفه، التزم الصمت، فالصمت حكمة، ومعالجة أثر كلمة بعد غضب ستكون أكبر وأعظم من معالجة مسببات الغضب، وهذا ينطبق على وسائل التواصل الإلكترونية، فمن خلال عملي في الفترة السابقة لم استفد من أحد المدراء الذين عملت معهم إلا نصيحته لي بأن لا أرد على أي بريد إلكتروني أغضبني إلا بعد أن يهدأ الغضب، وأعيد قراءة البريد بعد أن ينصرف الغضب، وفي الغالب يكون الرد على البريد متزن، وأكون قادراً على تفهم وجهة نظر مرسل البريد من زاوية مختلفة.
عندما تكون الانفعالات شديدة تذكر أن صحتك أهم، ابتعد عن كل ما يسبب لك الانفعال وأفعل ما يسرك ويسعدك، وستجد أنك استطعت السيطرة على التقلبات بشكل جيد، وكسبت اتزان نفسك أولاً، ولم تخسر الآخرين ثانياً، وإذا كان من تسبب لك بالانفعال شخص تكن له بعض مشاعر عدم القبول حاول أن تبحث عن الخصال الجيدة فيه لتستطيع تقبله والسيطرة على انفعالاتك تجاهه.
لا تنسى دائماً أن بعض الانفعالات يكون سببها قلة الراحة، حاول أن تأخذ قسطاً كافياً من النوم، وحاول أن تبحث عن مقطع مرئي يبهجك وتحبه، كأن تشاهد جزء من مسرحيتك المفضلة، أو تشاهد فيلماً كوميدياً، وابتهج، وتذكر عندما تهدأ انفعالك، ويهدأ غضبك، ستجد أن الأمر لا يسحق الغيظ، وأبسط من أن تخسر صحتك من أجله، فأكسب نفسك أولاً ولا تخسر الآخرين.
