بناء المسجد النبوي الشريف كان عمل تعاوني شامل، قام به المربي العظيم والنبي الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، بناء المسجد اشترك فيه المسلمون جميعاً، فقد وحد بين القلوب في هذا العمل التعاوني فالكل سواسية في العمل، وكان رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم على رأس أصحابه في العمل، فيداه معهم حتى اكتمل البنيان واكتملت أجزاء المسجد الشريف.
فأول درس علمه النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين في بلدهم الجديد المدينة المنورة هو العمل التعاوني، والمكان الموحد للالتقاء، حيث كان لكل حي في المدينة مكان يتسامر فيه أهل الحي، فكان من المهم جمع القلوب على مكان واحد، يلتقي فيه الجميع بمختلف عاداتها، وتنبذ التفرقة، ويكون الاجتماع هو أساس الحضارة.
هكذا بدأ رسولنا الكريم في نشر المعرفة والعلم من المدينة المنورة، فبعد تأسيس المسجد النبوي الشريف بدأ ومن هذا المكان في نقل المعرفة إلى أصحابه، حيث ما زال يعلمهم أحكام الدين، وتفاصيل المواريث، بل وحتى القراءة والكتابة عندما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الفدية لبعض أسرى بدر في أن يعلمون أولاد النصارى القراءة والكتابة.
وتتابعت الأيام على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى مر الأزمان قدم إليها الكثيرون طلب في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً، ولتلقي المعرفة في رحاب المسجد النبوي الشريف، وفي عهد الملك سعود رحمه الله صدر مرسوم ملكي بإنشاء الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لتعلم العلوم الشرعية وتستقبل الطلاب من جميع أنحاء العالم، فكانت منارة حديثة لنشر المعرفة والعلم.
واليوم تجتمع في المدينة جامعتين هما الجامعة الإسلامية وجامعة طبية، وأيضاً مدينة للمعرفة تستهدف بناء مكان قائم على الصناعات القائمة على المعرفة، ومعهد متخصص للقيادة والريادة يقيم العديد من البرامج التدريبية التي تعزز وتبني القادة في السعودية أولاً وفي الوطن العربي والإسلامي ثانياً.
في كل مدينة في السعودية هناك صناعة قائمة بحد ذاتها، وفي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك صناعة المعرفة، وهي صناعة تستلزم الاستثمار في العقول، فمن المهم أن نعزز هذا المبدأ من ناحية الاستثمار في النواحي التي تعزز المعرفة، والتي تجعل المدينة المنورة هي المقصد لأصحاب العقول والرؤى، ومكان للبحوث التي تخلق أفق حضاري جديد.
من المدينة المنورة انتشر الإسلام كدين ينبذ الجهل ويعزز العلم والتعلم، فأول كلمة في القرآن الكريم هي “اقرأ”، والمدينة الآن مكان معرفي بجامعاته ومعهده وأيضاً مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف والذي ينشر كتاب الله لجميع العالم، فلابد من تعزيز الاستثمار المعرفي في المدينة المنورة وتعزيز البحث العلمي في جميع مجالاته، واستقطاب العقول المسلمة الموزعة في جامعات العالم الكبيرة لتبدأ من المدينة المنورة في تعزيز العلم، وصنع الكثير والكثير من الابتكارات والابداعات، لتكون المدينة المنورة قبلة العالم المعرفية.
مقال جميل .بالمناسبه اول مسجد بني في المدينه المنورة هو مسجد قباء بناه الرسول صلى الله عليه و سلم .