أكثر من ١٦ سنة هي عمر معرفتي له، تزاملنا في اروقة جريدة الرياض، وعملنا سوياً في المجال الصحفي، فالتحرير والاخراج عنصرين مكملين لبعضهم، فكم من صفحة متألقة بمواضيعها يقتلها الإخراج الصحفي، وكم من صفحة لا تحمل بين طياتها الكثير، يجعلها الإخراج الصحفي تحفة فنية لا تجد لها مثيل.
بالأمس دون الزميل أحمد عنه، معلناً وداعه لهذه الحياة والرحيل منها، واستعرض في تدوينته هذه الشخص الاستثنائي والرائع، الذي كلنا نحبه ولا نذكره إلا بالخير، لن أزيد عن ما قاله أبو فهد، فالزميل عادل حجر رحمه الله شخص استثنائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، متألق في عمله ومتفاني، ويحب الإبداع بكل أنواعه، يصنع من اللاشيء تحفة إبداعية متألقة.
قبل شهرين من الآن عاد عادل رحمه الله إلى السودان، وتوالت اليه الأزمات المزعجة، فتوفي شقيقه، ولا شيء أكبر من رحيل الأخ، فهو السند في الحياة، وبعدها توفيت والدته، وفراق الأم هو الإعلان الأول للشيخوخة، وكشخص مرهف الاحساس كان رحيل الأحباء مزعج وقاتل، ليلحقهم إلى جوار ربه، ويترك الدنيا بمباهجها، ليكون معهم وبجوارهم.
الاشخاص الاستثنائيون عندما يرحلون يبقى أثيرهم، وترى مكان بصمتهم الاستثنائية، وحجم المكان كيف تقلص برحيلهم، وهذا حالنا لا نذكرهم إلا بعد الرحيل، أحياناً لا نبالي بهم، وأحياناً نبخسهم حقهم، وكأننا نحاول أن نقتل الإبداع بهم، وهم يستمرون في المحاولة، وينشرون عطر ابداعهم في كل مكان، حتى ولو أثخنتهم الجراج فلا مثيل لإبداعهم.
رحم الله عادل وأسأل الله أن يتقبله في هذا الشهر الفضيل وأن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأن يرزقه الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يرزق أهله وأبنائه الصبر والسلوان.