تصرفك يحدد ما أنت عليه، فإما أن تكون متزن واثق وهادي وصاحب دور إيجابي وسلوك سوي، وهذا بدوره يؤدي لأن تكون محبوب من الجميع، وإما أن تكون متغطرس ومهتز وصاحب تصرفات غير منطقية وسلوك تمثيلي، وتنم هذه الصفات عن شخصية عبثية، تصطنع الإشكالات بين البشر، وتؤجج الاختلافات، حتى يكون مكروهاً من الجميع.
ربما تكون صاحب عبادة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، فالأخلاق هي الجوهر وهي الأساس، فديننا يفترض الأخلاق أولاً، بل ويحث عليها، فقد نهى عن الكذب، والنميمة، والخداع، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان)، وهذا الحديث يدل على التشديد والمبالغة في العقوبة، بالإضافة إلى التشهير بالغدار يوم الحشر وفضيحته.
الأخلاق هي المتحكم الرئيسي في حياتنا، وهي الضمان لأن تكون علاقاتنا بالآخرين متزنة، وأن تستمر العلاقات الإنسانية على نحو إيجابي، ومجتمع بدون أخلاق لن يستطيع التطور والنهوض، فلعلنا نستدل بعهد النهضة الإسلامية، فلم ينتشر الدين إلا بالأخلاق، ولم نحقق النهضة العلمية إلا بالأخلاق، فسر تميز الأمم بأخلاقها.
وعندما نتأمل بعض المجتمعات مثل المجتمع الياباني، فنجده يحرص على الأخلاق والنظام، فهم يعلمون الأطفال منذ سن مبكر وفي الصفوف الأولية على الأخلاق الحميدة، بل ويفاخرون ببعض المهن ووضعوا لها شأن لتحترم، لذا استطاعوا العودة بعد التراجع في سنوات محدودة، فمتى ما أتت الأخلاق، متى ما تحققت النهضة.
لذا ونحن في الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل، فلماذا لا نعاهد أنفسنا على أن تكون أخلاقنا هي العنوان الرئيسي والسمة البارزة لنا، ونحاول أن نقف وقفة جادة مع أنفسنا ونعاتبها بشدة على أي تصرف غير أخلاقي نقوم به، فإذا بدأنا بأنفسنا سيتحقق الكثير لمجتمعنا، وسنكون فاعلين، فهذه الشهر الفضيل هو فرصة للتغير، وفرصة للتطور، وفرصة لمعاهدة النفس على الثبات على الأمور الصحيحة.