أكثر قناة تلفزيونية تعود لها الشاشة في منزلي هي قناة ذكريات، فقد أعادتنا إلى زمن جميل جداً، وماضي متألق، ذكرتنا عندما كان البث المباشر للتلفزيون السعودي عبارة عن فترتين في اليوم، صباحية ومسائية، وكانت الأعمال التلفزيونية في أغلبها اجتماعية، وتناقش قضايانا اليومية والبسيطة، ذكرتنا عندما كنا صغاراً نتسابق لأن نتابع حلقات “سانشيرو” أو “فلونة”، في ذلك الزمن الجميل.
أبناء جيلي بالرغم من معاصرتهم لتنوع في الأحداث، واختلافهم وصدمتهم، إلا أنهم يثبتون أنهم الأفضل على الإطلاق، فلك أن تشاهد برنامج “بنك المعلومات”، هذا البرنامج الذي في إنتاجه ساهم بنك تجاري، وكمية المعلومات التي يقدمها البرنامج، ونوعية الأسئلة التي تقدم للمشاركين، لعرفتم كم أنتج التعليم من جيل مثقف ومتعلم، أسئلة المسابقات التي تقدم له هي أسئلة هندسة مدنية ورياضية وتاريخية، مقابل جيل يسأل في برنامج المسابقات حالياً بأسئلة عبثية تستصغر ذاتك وأنت تتابع حلقاتها.
لو تأملت جميع القنوات في تلفازك لوجدت أنك تستطيع البقاء على قناة ذكريات وبوجود أطفالك وجميع أفراد أسرتك ولا تفكر بتغييرها، فهي تحترم التنوع الأسري، فلا مشاهد عنف، ولا ألفاظ بذيئة، ولا مشاهد فاضحة، مشاهدة هذه القناة ببرامجها الهادفة التي كانت تعرض في الثمانينات والتسعينات، وكننا نستمع بها وننتقدها، واليوم نستمتع بها وندرك أنها كانت في الوقت السليم والصحيح، وعادت لتذكرنا بالأيام الجميلة.
ذكريات أعادتنا لذكريات المذياع أيضاً، عندما كان هو الأسلوب الوحيد للتسلية خلال السهرات الطويلة، سواءً مع المذاكرة أو حتى لغير ذلك، ذكرتنا أيضاً ببرامج إذاعة جدة، وليالي الشتاء الهادية، والجميع في منازلهم منذ وقت مبكر، فبالرغم من أن التلفزيون السعودي كان ينهي بثه في الثانية عشرة بعد منتصف الليل، إلا أن الإذاعة كانت تصحبنها بجميل إبداعاتها إلى وقت الصباح الباكر.
اليوم يذكرنا هدوء أول المساء في الحجر هذه الأيام، بهدوء آخر الليل، يذكرنا بتلك الأيام التي نعود لمنازلنا بعد العشاء، وافكارنا تكون أصفى، فلا توجد أي منغصات، أو أي أمور تشغل بالنا، حتى الاتصالات مقننة جداً من خلال الهواتف الأرضية، فالليل للهدوء والنوم، والنهار لصخب الحياة.
قناة ذكريات أعادت لنا الذكريات، وكأنها تقول مهما تغيرت الأزمان، ستعود الحياة مثالية يوماً ما.