بعض الصداقات لا نعرف قيمتها إلا بعد أن نفقدها، وبعد أن لا يكون لها أثر، بعد أن يختفي الصديق، ونبحث عنه ولا نجده، بعد أن يبقى الود في القلوب، ونتجنب العودة لكي لا يشتد ايلام الجرح، ونتذكر تلك اللحظة التي بدأ جدار الصداقة فيها ينقض، ولم يتبقى من الصداقة إلا مجرد ذكريات تلوح هنا وهناك، ويشتد الحنين، وعندها يكون الندم على التفريط في الصديق أول الحضور.
بعض الصدقات إلم تتطور لمرحلة جديدة، تنتهي في حينها، فلا ينفع معها إعادة بناء، ولا يجدي معها محاولات الإنعاش، فالود لم ينضب، يبقى لدى الصديقين، حتى لو عاد أحدهم معتذراً يبقى للجرح ذكريات لدى الصديق الآخر، يصعب أن تعود معها الصداقة كما كانت، يتفهم أحدهم وجهة نظر الطرف الآخر، ولكن لا يرغب الاثنين في إعادة ترميم ما سقط من جدار الصداقة، حتى يبقى الرحيل هو الحل الأخير.
لا نقسو على الأصدقاء، ولنحاول أن نلتمس لهم العذر، ونعود لهم حتى وإن كان جرحنا مزعج، فلا تعرف كيفية الحنين للقاء، ولا نعلم كم نشتاق ونكابر في شوقنا حتى لا ينزعج من نحب، ونبقى نبحث عن منفذ يدفعنا للعودة للصديق، مهما اختلفنا نبقى نتذكر أننا بحاجة للعودة، بحاجة لتجديد اللقاء، ولصناعة ذكريات جديدة.
الصديق شيء من الروح، وقطعة من السعادة، فإذا وجدت من يلتمس لك العذر، ويبحث عن ما يسعدك حتى لو كنت أناني في حقه، فلا تفرط فيه، فلن تعرف حجم الفراغ الذي سيسببه رحيله حتى تفقده، فلا تكن أنانياً مع من يحبك.
همسة
“كم جميل لو بقينا أصدقاء”