لا شك أن بعض الأعمال التلفزيونية تظهر لك جزء من الموروث المحلي للدولة التي منها أبطال العمل، وتميزت بعض الأعمال السورية بطريقة الكلمات الحلوة من الزوجات لأزواجهم، حيث اشتهرت الدراما السورية بكلمات مثل، “تشكل آسي”، “تقبرني”، وغيرها من الكلمات، وإن كانت كلها تدل على معنى واحد وهو “عسى يومي قبل يومك”، إلا أن وقعها على الأذن جميل جداً.
هذا ما دفعني لأجراء بحث صغير لمعرفة هل لدينا في الموروث السعودي مثل هذه الكلمات أو قريبة لها، ولماذا لم تنتشر هذه الكلمات على نطاق واسع، والحقيقة أنني وجدت نفس الكلمات وبنفس المعاني، وكلمات أخرى لها معاني مختلفة، إلا أنها تسير لذات الفكرة وذات المفهوم، ولكن لم تسوق الدراما السعودية لها بشكل جميل كما فعلت الدراما السورية.
ففي جنوب السعودية وتحديداً عسير، نجد عبارة مثل “خذيت ضيمك” منتشرة جداً وتعني كما أفهمها أنا “عسى ما يجيك الهم والغم”، وعبارة مثل “الله يطعني عنك”، وبنفس المعنى السابق “عسى يومي قبل يومك”، وردها من الطرف الآخر “الله يسبق بي” وجميعها قريبة للنفس، ووقعها الموسيقي على الأذن جميل جداً، إلا إن توظيف الدراما السعودية لها لم يكن كما يبغي، فلم تجد لها هذه الكلمات لها توظيف مميز، إلا أن توظيفها كان في الشعر والشيلات جميل جداً، ومثال على ذلك شيلة “تقول الله يطعني و اقول الله يسبق بي”.
ولو مررنا على الأحساء، لوجدنا أجمل عبارة تبرهن على الحب والاحترام هي “يا خلف أبويه وأميه”، حاولت أن أكتبها بطريقة نطقها، وتقال أيضاً “يا خلف أبويه” أو “يا خلف أميه”، ولأننا نستمد القوة من الأب وأم، وهم أول من نلجأ له بعد الله سبحانه وتعالى، وتعني “أنت سندي بعد فقدان أبي”، أسمعوها باللهجة الحساوية وستعجبكم.
وفي القصيم نسمع كثيراً عبارة “يا خلفهم”، وهي لتقال لأعز الناس إليك، وهي بنفس معنى العبارة الحساوية، وإذا ذهبت شمالاً ستجد منتشرة عبارة “يا بعدي” ولعلي فصلتها في تدوينة أخرى.
وفي حائل أرض الجمال، اشتهرت عبارة “يا بعد حيي”، ولعلها العبارة الوحيدة التي يعرفها جميع السعوديين، لما لأهل حائل من قدرة على توظيف مفرداتها، وتسويقها بشكل غير مباشر، وأيضاً عدم الحياء في استخدامها، وهناك روايات تقول أن أول من قال هذه العبارة هي سفانة بنت حاتم الطائي، وإذا كان الود مفرطاً فيقول الحائلي “يا بعد حيي وميتي”، وهذا العبارة وظفها الشاعر السوري في قصيدة “حايل بعد حيي دار الهوى المنشود”، والتي غناها الراحل طلال مداح.
وبين شباب وصبايا الرياض جيل بين عام 2006 و 2010 اشتهرت عبارة “أغدي كشنة”، وكلمة “كشنة” هي بداية الطبخة عندما يضع الزيت والبصل والطماطم ويبدأ العمل ويتحول اللون، ولكم تصور الموقف.
واليوم وبعد أن بدأت الأعمال التلفزيونية السعودية تكثر، ألا تستحق هذه العبارات أن توظف بشكل جيد في أعمالنا، ونبني من خلال هذه الأعمال التلفزيونية صورة جديدة ومختلفة وجميلة عن مجتمعنا، وبالتأكيد تكون مروج كبير للسياحة في السعودية، تماماً كما فعلت الدراما الكورية، مجتمعنا جميل بمفرداته وطريقة تعامله مع الآخرين، والتسويق الجيد لهذا هو ما سيحقق الانتشار بإذن الله.