لو نعود لمشاهدة مسلسل كتب ومثل قبل 10 سنوات، لوجدنا أن الأعمال الدرامية كانت تركز على كيف أغطي ساعة تلفزيونية بغض النظر عن المحتوى، فتجد أن العمل الفني يزهق بكمية الحشو وقلة الخطوط الدرامية من أجل تغطية الساعة، واكمال 30 حلقة، لأن تسويق العمل الفني وبيعه مرهون بذلك.
فالساعة التلفزيونية في غالب مسلسلات رمضان المحلية لو حذف منها الحشو ستكون الأحداث لا تتجاوز ربع ساعة، وبالمقارنة مع بعض الأعمال العربية ومن أهمها “باب الحارة” والذي عرض في 2006، فستجد الإثارة في أول حلقاته عالية جداً وسريعة، مما صنع هالة جميلة ساهمت في جذب الناس لمشاهدة العمل، ومن ثم تسارعت الأحداث، وحقيقة لم أتابع بقية الأجزاء لاعتقادي بأن الفكرة وصلت من الجزء الأول.
ومحلياً بدأ المشهد بالتحول مع انتشار المحفزات على ذلك، مثل دور السينما، وتطبيقات المشاهدة المدفوعة، فأصبح التركيز على عوامل جذب المشاهد، بدون التوسع في عدد الحلقات، وأصبح المحتوى يعكس واقع الجيل، فلو شاهدت مسلسل “بنات الثانوي” والذي عرض على “شاهد” فتأكد أنك ستتعرف على أفكار وآمال هذا الجيل، وستتفهم نقاط الاختلاف معهم، كل هذا في (18) حلقة، وأيضاً مسلسل “وساوس” والذي عرض على “نتفلكس” في (8) حلقات، وبأسلوب درامي مشوق جداً تجبرك على متابعة المشاهدة حتى تنتهي الحلقات، ومسلسل “اختطاف” والذي عرض أيضاً على “شاهد” في (13) حلقة مثيرة جداً، تحدث عن الكثير من القضايا المهمة، فالمريض النفسي كان لها خط درامي في المسلسل، والفتاة المعنفه خط آخر، وكان بحلقاته التي تعرض كل يوم جمعة وجبة أسبوعية دسمة للمتعة، وغيرها من الأمثلة التي أتت من نتاج روح صناع الأفلام القصيرة في السعودية.
الأعمال الدرامية السعودية تغيرت من ناحية الفكرة والمضمون، ومن ناحية الكتابة والحبكة الدرامية، وتحررت من الكثير من القيود المفروضة عليها سابقاً بحكم طبيعة المجتمع، ولا شك أن الحراك في السعودية والتغيرات التي صنعتها رؤية 2030، هي من خلقت جيل مبدع وقادر على منافسة المبدعين العرب والعالميين.
ليس فقط الأعمال المحلية، وإنما حتى الأعمال العربية بدأت بالتغير والتأقلم مع ما يطلبه المشاهد، فمسلسل “وأخيراً” تناول في (15) حلقة فقط قضايا مختلفة، وشدنا لمتابعته حتى آخر دقيقة، وبدون ملل، ليذكرنا بمسلسل “2020” لنفس الأبطال، والذي عرض العام الماضي، ومع هذا التغير، وقع المسلسل العربي في فخ تكرار ذات القضايا في العملين، وهذا لا أتمنى أن أراه في أعمالنا السعودية.