مطلع هذا الأسبوع طالعتنا صحيفة الوطن بعددها الجديد، وبتغيرات متنوعة في نوعية الطباعة وأسلوب الصياغة للمادة، وفصل الاقتصاد في ملحق مستقل علن العدد، بالإضافة إلى التغيير الأهم وهو نظام الطبع، ولا أغفل هنا ما ذكره رئيس تحرير الوطن جمال خاشقجي في كلمته بمناسبة التغيير إلى التوجه للاختصار أكثر، وهنا سأحاول أن أسلط الضوء على هذه التغييرات وفهمها ومحاولة قرأتها من خلال عملي في المجال الصحفي سواءً في المجلات المتخصصة أو الصحف اليومية..
مقدمة:
عندما نحاول أن نقرأ الصحف الموجهة للسعودي بشكل يومي ونبحث عن عمل نستطيع أن نطلق عليه عمل صحفي متخصص واحترافي، فلا نجد في الصحافة المحلية والتي تصدر من مدننا السعودية ما يحتمل هذا الموضوع، فجريدة تتركز الاحترافية فيها في صفحة الفن فقط فهي من أفضل الصفحات، وفي جريدة أخرى كتاب مثيرون وجريئون فقط، أما الوطن فتركز على عناوين الإثارة بينما في مضمون المادة الصحفية لا تجد ذلك، ولا أريد أن أسهب هنا فليس المجال لذلك، في حين أن الصحافة الاحترافية تجدها في جريدة توجه إحدى طبعاتها للسوق السعودي وهي جريدة الحياة، ولكنها أحياناً كثيرة لا تتابع الأخبار التي تكون بعد الساعة التاسعة مساءً باستثناء أخبار الرياضة، لأنها تحرص أن تكون عند الواحدة مساءً في صناديق المشتركين.
تنافس على الاشتراكات:
في الفترة الأخيرة اختلف تفكير رؤساء التحرير في الصحف فأصبح التوجه لكسب شريحة أكبر من المشتركين والقراء، من ما حدى بأحد رؤساء التحرير إلى التفكير جدياً بتغيير فكر القارئ للجريدة فهو لا يرغب بأن تقرأ الجريدة في المقهى أو المكتب ومن ثم تعاد إلى مكانها، وإنما يرى أنه على القارئ السعودي أن يحس بأن هذه الصحيفة جزءً منه وملكاً له إلى أن تجد مكانها في المنزل، فهو يرغب أن يراه كالمصري التي تبقى جريدته في يده أو تحت إبطه إلى أن يصل البيت، وحرص رئيس التحرير هذا على تفعيل عروض الاشتراكات بالمزايا المتنوعة والمتعددة مع تخفيض الرقمي الفلكي السابق في مبلغ الاشتراك ونجح في هذا، بينما رئيس التحرير الآخر حرص على الاتفاق مع الجامعات لتوزيع الجريدة مجاناً بين طلابها، بالإضافة إلى توزيع الجريدة مجاناً مع الطلبات في بعض المقاهي، وآخر جعل لحملة الاشتراكات جائزة تدغدغ مشاعر السعوديين باعتبارها مشكلة أزلية لدينا، فقد رصد مسكن للسحب عليه، وكل هذا من أجل إيهام المعلن بأن أكثرية التوزيع له..
بينما توجهت جريدة الوطن إلى القيام بحملة اشتراكات في المجمعات التجارية في المدن الرئيسية (الرياض، جدة، الدمام – الخبر) يصاحبها معرض لرسومات الكاريكاتير، قامت خلالها بتوزيع الجريدة مجاناً على الزوار، وهي بالفعل استطاعت لفت نظر مجموعة من المتسوقين ونجحت في جذب عدد من المشتركين إلا أنه من وجهة نظري لم تكن الحملة كافية فلا أعتقد أنها نجحت بنسبة جيدة ولا أملك أرقاماً على ذلك..
الطبعات
المتابع للعمل الصحفي اليومي يلتمس مدى التنافس في الفترة الأخيرة لالتهام الكعكة الأكبر وهي منطقة الرياض بصفتها العاصمة والعمل التجاري متواجد فيها بشكل أكبر، ومن المعلوم أن قبل الألفية الثانية كانت الصحف المحلية تطبع أكثر من ثلاث طبعات في اليوم وذلك لمتابعة الأحداث المتأخرة بشكل أفضل، فالطبعة الأولى والتي تطبع بين الساعة السادسة والثامنة مساءً توجه لخارج المملكة والطيران والمناطق البعيدة عن مكان الطباعة، فمثلاً إذا كانت الجريدة تطبع في الرياض فالطبعة الأولى تكون للمنطقة الغربية والشمالية والجنوبية، بينما الطبعة الثانية والتي تطبع بعد الساعة التاسعة مساءً وإلى ما قبل منتصف الليل وهي موجهة للمناطق التي تبعد أقل من 400 كيلو عن المقر الرئيسي للجريدة، بينما الطبعة الثالثة وتطبع بعد منتصف الليل تكون موجهة للمدينة التي فيها المقر الرئيسي للجريدة، وعند تغيير المواد الإخبارية في الصحيفة بعد ذلك يتغير رقم الطبعة، ولكن بعد الألفية الجديدة اقتصرت الطبعات على ثلاث حتى لو تغيرت المواد الإخبارية..
وفي الفترة الأخيرة بدأت كلاً من جريدة الوطن وعكاظ بمحاولة طباعة طبعتها الثالثة في الرياض من أجل إيهام المعلن بقوة توزيعها في العاصمة، ونجحت الجريدتين بذلك، ونجحت أيضاً جريدة الجزيرة بطباعة طبعتها الأخيرة في المنطقة الشرقية مما أقلق بقية الصحف بالرغم من عدم جودة المادة الإعلامية في الجزيرة، بينما تعاني الصحف والتي يزيد عدد صفحاتها عن 52 صفحة من الطباعة خارج العاصمة لعدم وجود مطابع تحتمل مثل هذا الرقم أو أكثر..
والآن ومع التغيير الجديد في الوطن ألغت طبعاتها الثلاث وركزت على طبعة واحدة تطبع في أربع مدن (الرياض، الدمام، جدة، أبها)، شخصياً لم تتاح لي الفرصة لمشاهدة طبعات المدن الأخرى غير مدينة الرياض، إلا أنني أرى أن هذا التغيير إيجابي إذا حافظت الجريدة على المادة المنشورة في طبعاتها وأن تهتم بالشأن المحلي للمنطقة التي تطبع فيها..
الملاحق
منذ أكثر من عام توجهت الصحف المحلية إلى فصل صفحات الاقتصاد في ملحق مستقل مع الجريدة، وسبب الفصل كما يعلن لأن المادة الاقتصادية أصبحت تنافس المادة الرياضية في اجتذاب القراء خصوصاً بعد موجة الاكتتابات في الفترة الأخيرة والتي هوت من وجهة نظري بسوق الأسهم، ومحاولة من الصحف في زيادة عدد صفحاتها بدون أن تتأثر جودتها أو يقل عدد الصفحات الملونة فيها، فإذا عرفنا أن المطابع في السعودية لا تستطيع طباعة أكثر من 32 صفحة ملونة في الجريدة الواحدة وإذا زاد العدد عن هذا الرقم تكون الصفحات الباقية باللون الأبيض والأسود.
وجريدة الوطن في تغييرها الحديث توجهت إلى فصل الاقتصاد مع الفن والثقافة والصفحة الأخيرة في ملحق خاص ورغبتها في ذلك كما أشار رئيس تحريرها لأن تبقى الجريدة ملونة بالكامل، ومن تأملي في الملاحق المختلفة للصحف الأولى ألحظ أنها لم تنجح في التعامل المهني الصحفي مع هذه الملاحق خصوصاً وأن وقت طباعتها يكون مبكراً للغاية وهذا لا يمكنها من متابعة آخر الأخبار الاقتصادية وخصوصاً التي تكون بعد الخامسة مساءً..
الاختصار
بعد تخفيض أبعاد الصفحة في أغلب الصحف المحلية منذ عام تقريباً لاحظت أحياناً كثيرة ضغط في المادة الصحفية مما يسبب عدم المقدرة على قرأتها براحة، فتوجهت أغلب الصحف إلى الاختصار في المادة، ولكن هذا الاختصار لم يكن موفق في أغلبها حيث أسندت مهمة الاختصار إلى المخرج والذي غالباً ما يحذف فقرات من النص لا تساعد القارئ على فهم كامل الموضوع..
وفي مقال الأستاذ جمال خاشقجي في عدد السبت الماضي من جريدة الوطن أشار إلى التوجه إلى تغيير أسلوب صياغة المادة والاختصار أكثر وتلخيص المواضيع في عناوين جانبية أو مربعات تختصر أبرز ما في الموضوع، ومن ملاحظتي على عددي السبت والأحد لمست هذا جلياً وواضحاً وأعتقد أن الوطن نجحت في ذلك ولكن لماذا هذا التوجه؟..
لا أعتقد أن أبعاد الصفحة في جريدة الوطن قد تغير فهي منذ إصدارها وهي تطبع بالحجم الصغير، ومن وجهة نظري أن السبب الرئيسي لهذا التوجه هو جعل المادة مقروءة أكثر، خصوصاً وأن جيل الإنترنت وجيل اليوتيوب لم يعد قادراً على القراءة، ولكن إذا كان الاختصار موجهة لفئة الشباب فهل ستنجح الوطن في جذبهم؟.. شخصياً أشك في ذلك.
أسلوب الطباعة
في العادة تكون للجريدة صفحة أولى وصفحة أخيرة، وإذا صحبها ملحق فهناك صفحة أولى وأخيرة أيضاً، ولكن تغيير الوطن جعل لها ثلاث صفحات أولى فالصفحة الأولى للجريدة والصفحة الأولى للملحق وأيضاً الصفحة الأخيرة في الجريدة الرئيسية كانت الأولي لصفحات الرياضة، وهذا التصرف من وجهة نظري لم يكن موفق في الجريدة..
أيضاً طريقة وضع صور كتاب الجريدة لم تكن مناسبة إطلاقاً..
وأخيراً
أعتقد أن الوطن وفقت في بعض عناصر التغيير ولم توفق في عناصر أخرى، والأيام القادمة ستتيح لنا تقييم هذا التغيير بشكل أفضل..
مقالة حلوة فيها عمق ورؤية تنم عن وعي ومهنية
دمت مبدعا
اخوك
خلف سرحان القرشي
أبو سعد
الطائف
مقالة رائعة جدا منك أخي محمد
أجد أن الصحافة قد أخذت منكمأخذا كبيراً حتى يخيل للقارئ بأن تخصصك الكامل إعلامي !!
و ما ذاك إلا لعشقك للصحافة أولا ( وهذا واضح في سيرتك الذاتية ) و الروح المهنية العالي التي تتمتع بها
إلى الأمام دائما
مقالة جميلة وواضح فيها رصدك ومتابعتك إلا أنها تحمل انطباعات ومشاعر وأحاسيس فالاحكام فيها غير علمية
بل مباناها وجهة نظر قد لا تكون حقيقية
وبناء على ذلك أعطيك انطباعاتي اليوم تلتهم الشرقية الوسطى تلتهمها الرياض عكاظ تلتهم جدة
الجزيرة الوطن الحياة الشرق الأوسط صحف تتنافس على باقي الكعكة
الأحساء مدينتي ابتليت باليوم ولا يوجد لها حضور في باقي الصحف
رجال الأعمال في الأحساء سبب في ذلك حيث إعلاناتهم قليلة
وبالتالي انعكس هذا على حضور المحافظة في الإعلام
http://www.burnews.com/news-action-show-id-5699.htm
(عاجل) الإلكترونية تشير لمقالتكم .
تحياتي.
خلف سرحان القرشي
أبو سعد
مقالتك جداً جميلة و تحليلية بشكل كبير و وفقت جداً في طرحك
رغم أني حقيقة لا أقرأ الصحف ورقياً بل أكتفي بقراءة صحيفة سبق و أن أردت التغيير
صحيفة الرياض التكرونياً لا أكثر ربما سأطلع على الصحيفة اليوم شوقتني أن أرى شكلها الجديد:)
احترامي لفكرك الوضاء