لن أكون هنا متحدثاُ لتبرير موقف أحد، ولن أكون خطيباً مفوهاً للمدافعة عن رؤية رجل، ولكن سأنظر إلى الموضوع من ناحية شخصية ومن منطلق بعض المواقف التي حدثت لي، فأثناء الدراسة كان أحد الدكاترة المصريين يتحدث عن بعض الأسماء التي صنعت فرقاً في تاريخ علوم الحاسب، توقف عند أحدهم ليعطي معلومة أنه يهودي، ليعلو بعدها اللغط في القاعة متذكرين ما يفعله اليهود بإخواننا الفلسطينيين، الدكتور المصري والذي أكن له كل المعزة والتقدير لم يشأ أن تخرج المحاضرة عن جادة الصواب وقال “ما تسيبوهم ما هم عيال عمنا”، توقفت عند عبارته كثيراً فكلانا العرب واليهود ننحدر من نفس الجد من سلالة سيدنا نوح عليه السلام، ليس هذا فقط فسيدنا إبراهيم عليه السلام تنحدر العرب العدنانية من سلالة ابنه إسماعيل عليه السلام، بينما بنو إسرائيل هم نسبة إلى يعقوب ابن إسحاق ابن إبراهيم عليهم السلام، لتتجدد بذلك قناعتي حول أن أشد العداوات وأقساها هي التي تكون بين أبناء العم.
عندما روى الكاتب فهمي هويدي موقفه وتضحيته في مقالة له تحت عنوان “مسألة ضمير“، حيث كما يقول أنه فوت على نفسه فرصة لقاء مع رئيس أكبر دولة في العالم لسبب واحد أنه لن يجلس في طاولة واحدة مع إسرائيلي، بالرغم من أن رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية يتجاذب أطراف الحديث والابتسامات مع هذا الإسرائيلي، ففضل الكاتب هويدي الانسحاب وعدم الرضوخ لسياسة الأمر الواقع التي قامت بها السفارة الأمريكية في القاهرة في محاولة التطبيع الإعلامي، لن أزايد على موقف هويدي ولن أجد مبرراً لخاشقجي فيما فعله، ولكن فلنلتمس العذر لهذا وذاك فيما فعلا فلكل منهما وجهة نظره، ولكل منهما طريقته للدخول للتاريخ..
أيضاً روى لنا أحمد في تويتر عن فريق سعودي وقال “اكتشفت ان فيه اثنين إسرائليين يشاركون مجموعة بينهم شبان سعوديين دوري كرة طائرة على الشاطئ.. قصة صحفية مثيرة”، وهذا الحديث في الولايات المتحدة الأمريكية وليس في مصر، أجدني هنا بحاجة إلى أن أتذكر معكم بعض المواقف التي حدثت لي مع اليهود، هذه المواقف لا تتجاوز الثلاثة فهي ليست بالكثيرة مقارنة مع المواقف التي حدثت لي مع الشحاذين ورويتها لكم سابقاً، وسأمنح لكم فرصة التمعن فيها مثل ما منحنا الكاتب فهمي هويدي فرصة التمعن في مواقفه العدائية لبني إسرائيل..
الموقف الأول..
في أول أيام الدراسة في الخارج كان ذلك الفتى والذي لا يحظى بشعبية هناك، مبتسماً في وجهي وقال “من السعودية بلد البترول الغنية” ثم رحل، لم يتجاوز اللقاء معه سوى دقائق معدودة وربما بادلته نفس الابتسامة، إلا أن صديقي ميلتون وهو نصراني بطبيعة الحال لم يعجبه الموقف وهمس في أذني قائلاً “أتعرف أن هذا الطالب يهودي”، صعقت من الموضوع وربما من طريقة ميلتون في الحديث، وتساءلت ألهاذا السبب هو منبوذ من الجميع، ليجيب ملتون بأن اليهود جميعهم يتحلون بصفة قبيحة ألا وهي أنهم الشعب الأفضل على الإطلاق فهو لا يرانا شيئاً، ولهذا السبب هو غير محبوب هنا، بعد عبارات ملتون تلك لم تجمعني طاولة واحدة إطلاقاً مع هذا اليهودي، حتى انتهت أيامه هناك..
الموقف الثاني..
عندما كنت في زيارة لأحد أكبر المعارض المتخصصة في التقنية، ذهبت لمركز المعلومات في المعرض وطلبت قائمة بالمشاركين من الدول العربية في هذا المعرض والدول الإسلامية والذي لم يتجاوز عددها مجتمعة العشرات، وبعد ذلك طلبت من الموظفة قائمة بالشركات التقنية المشاركة من إسرائيل، الموظفة لم يعجبها طلبي، وسألت باستغراب “من إسرائيل!” لأجيبها بالإيجاب، ترددت قبل أن تعطيني القائمة ولكنها رضخت للأمر الواقع وعندما رأيت القائمة صعقت من عدد الشركات الإسرائيلية فهي تفوق أعداد المشاركين من الدول العربية والإسلامية بأضعافٍ مضاعفة، كنت أهدف وقتها للخروج بتقرير صحفي حول الفروقات التقنية بيننا وبينهم، ولكن كان ذلك ضرباً من الخيال فلهم الريادة دوننا؟..
بعد أن تجولت في جميع الأقسام العربية والإسلامية، ذهبت لأول الشركات الإسرائيلية لم أتحدث إليهم؟.. رأيت فقط ما يقدمونه.. أما الشركة الثانية تحدثت قليلاً مع العارض على مضض ومن ثم رحلت، لم أكمل الجولة على بقية الشركات الإسرائيلية، وفضلت الرحيل بكرامة على تلقي المزيد من الصدمات التقنية، فهم يتفوقون علينا بالتقنية، ونحن نتفوق عليهم بالمقاطعة..
الموقف الثالث..
عندما أكون في زيارة لأي مدينة غربية أتحول إلى شخص عملي جداً، فيومي يبدأ في السادسة صباحاً وينتهي على مشارف التاسعة مساءً وقد غططت في النوم العميق، ففي مدينة هانوفر الألمانية كنت أتخذ من محطة القطارات الرئيسية المكان الذي أتناول فيه وجبة العشاء في السادسة مساءً خصوصاً وأن عملي في أقصى الشمال والفندق الذي أسكن فيه في أقصى الجنوب وهذه مشكل التنسيق المسبق للحجوزات..
دائماً ما يشكل الأكل عائقاً رئيسياً لي فاعتمادي في الخارج على المأكولات البحرية خصوصاً وأني أضمن حلالها، فكان مطعم برجر كنك هو المقصد الدائم لي في المحطة، في أحد الأيام رأيت ذلك الفتى العامل في المطعم الذي دائماً ما يسبب الإزعاج لبعض الفتيات هناك يعتمر الطاقية اليهودية، وهنا عرفت السبب الذي من أجله لا يفضل أن يراني هناك إطلاقاً، فشكلي العربي الصرف لا يروق له أبداً..
في أحد الأيام كان المطعم مزدحماً فلم أجد طاولة لأجلس عليها وبقيت واقفاً لبرهة وأنا أحمل صينية الطعام إلى أن أشارت لي فتاة ألمانية وصاحبتها بمشاركة الطاولة معهما، عندها وبعد أن هممت في تناول الطعام لم يرق لذلك الفتى هذا المنظر، وعندما أرادت الفتاة الألمانية أن أفسح لها المجال للرحيل وقفت جانباً حتى تخرج، ليهم الفتى بوضع زبالة طعام طاولة أخرى على طعامي، ليتحول الوضع إلى مشادة كلامية بين الفتاة الألمانية وذلك الفتى احتجاجاً على فعلته الغير مؤدبة، لم ينتهي الوضع عند هذا الحد، ولكني تأكدت أن اليهود في كل مكان شعبٌ مكروه جداً، لذلك يحاولون هناك اتقاء شرورهم ورميهم علينا..
هذه المواقف ليست كموقف هويدي أو خاشقجي وإنما هي بسيطة انتهت بقناعة أبدية ربما لن يغيرها جيلنا الحالي، وربما ننتظر إلى أن يتجمع اليهود جميعاً في مكانٍ واحد ليتوحد موقفنا، ويتحقق ما وعدنا به الرب سبحانه وتعالى ويكون النصر..
يعطيك العافية، وعلى العموم يجب التفريق بين مفهوم اليهود وانتمائهم الدينني وبين الاسرائيليين، ولنا في أشرف الخلق عليه السلام أنموذج حسن حينما زار جاره اليهودي بعد مرضه، لكن القضية هي التعامل مع الاسرائليين بحكم قضية التطبيع ومانحوها وهي ماتسبب الإشكالية.
أكثر مالفت نظري هنا في أمريكا رغم أني لم أبحث في الموضوع بشكل كامل إلا أني ألمس سخرية عامة باليهود وشبه رفض أو عدم قبول من جانب المجتمع الأمريكي لهم أقول وأكرر بأني لم أبحث في هذا الشأن باستثناء مايدرور في مدينتي الصغيرة لكن يمكنني القول بأن عدم تقبل اليهود هو أكثر من عدم تقبل المسلمين. المسلمين فقط تدور حولهم الشبهات الأربع (ابن لادن – الحجاب وتحجيم المرأة – الزواج من 4 – شرب الكحول)
كما ذكر الأخ أحمد … ليس كل اليهود صهاينة
أنا أرفض التعامل مع الصهاينة (الإسرائليين) بأي شكل من الأشكال .. لكن هذا لا يمنع من التعامل مع اليهود كما نتعامل مع النصارى
تدوينة جميلة.. شدتني كثيراً
موضوع رائع جدا
وكل القصص التي سمعتها عن الاشخاص الذين قابلوا اليهود تسمع فيها المكر والغدر
كفانا الله شرهم
كنت أتوقع أن شخصية اليهود المتفردين في المكر والحيلة والغدر ، هي موجودة فقط في الساسة الإسرائيليين أو في العسكريين منهم أو أقل تقدير من سكان إسرائيل .
ولم أتوقع بحال من الأحوال أنها طبيعة فيهم أزلية . المكر والخيانة .
{ ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم } ( المائدة آيه 13 )