يوم السبت.. هل أكرهك أم أحبك؟..

عندما زفت الممرضة نبأ إشراقي على الحياة كانت ليلة سبت، ومع وخزة الشيطان الأولى تكونت عندي العقدة الأبدية، فلا أدري هل هي إيحاء نفسي أم أنها حقيقة لا أريد أن أتقبلها نهائياً؟، منذ ذلك الحين لا أتذكر أنني أستمتع بنوم هنيء ليلة السبت، بينما يمتزج يوم السبت بفرح أحياناً وأحياناً كثيرة يكون للأخبار المحزنة أوفر الحظ والنصيب..

يوم السبت الماضي كنت موعود مع قدر جديد، ليس سعيداً وإنما امتزج بالهم والألم، لم أستطع التغلب على مقدماته حتى كانت النهاية المؤلمة التي لم أبحث عن بدايتها إطلاقاً..

من عادتي عند قيادتي للسيارة أن أترك ما يقرب من الخمسين متراً بيني وبين من أمامي عند استخدامي للطرق السريعة، حتى أتدارك أي مفاجأة قد تحدث وترهقني جداً، ولكن أغلب قائدي المركبات في السعودية لا يهتمون لهذا وكأن أرواحنا لعبة بين أيديهم، وشوارع الرياض مجرد حلبة للمصارعة الحرة وتطبيق مفرداتها من ارتطام بالحلبة.. ونط من الزاوية.. ومسكة مخلبية، إلى إجهاز على الخصم بتثبيته لمدة ثلاث ثواني..

في ذلك اليوم وأنا أترك المسافة الكافية بيني وبين سيارة كورلا 89 على الطريق الدائري الشرقي في الرياض، وأراقب الجهة اليسرى لكي أتجاوزها، فاجأتني سيارة أخرى لا أتذكر نوعها بالدخول أمامي من المسار الأيمن إلى المسار الأوسط ومن ثم غادرت إلى المسار الأيسر بسرعة البرق الخاطفة، ليختفي بعد ذلك تركيزي على القيادة، بالمفاجأة التي لم تكن في الحسبان إذ انفجر إطار سيارة الكورلا والتي يقودها رجل باكستاني وخفف السرعة فجأة، استحضرت ملك الموت وحاولت بكل جهد أن أتخطاه إلا أن الارتطام بها كان حليفي لتنكسر أمامي كل خطوط الحياة في محاولاً يائسة للسيطرة على المركبة..

هل أنا هنا من يتحمل الخطأ والألم؟!، من يصارع رهبة الموت على الطريق التي أرفضها بشده ورددت ذلك مراراً وتكراراً وكان آخرها بمقولتي قبل عام تقريباً “لا أريد أن أموت كالقطط في شوارع الرياض“، أم أنه من المقرر علينا حتى مع “ساهر” أن تكون شوارعنا لعبة بأيدي صبية متهورون لا يقدرون معنى الحياة..

بقيت لمدة يسيره في السيارة أتحسس جسدي المنهك، واستشعر ذلك الألم الذي يشق الجهة اليمنى من صدري، فحتى مع وضعي حزام الأمان لم أسلم من الألم والمعاناة، بعدها خرجت من السيارة لأتفقد السيارة الأخرى التي لم يكون الرجل الباكستاني فيها بأحسن حالاً مني فلم يكن يضع حزام الأمان، انتظرت سيارة المرور الذي حملني نسبة الخطأ كاملة وقال “بما أن السيارة المقابلة تمشي حتى مع تعطلها فالخطأ بالنسبة القصوى عليك وحدك”..

من معرفتي السابقة عندما ينفجر إطار السيارة لا تحاول أن تخفف السرعة فجأة وإنما أبعد قدمك عن دواسة البنزين وأترك السيارة تخفف سرعتها تدريجياً بدون التدخل والضغط على دواسة الفرامل، حتى لا تتعرض لخطر الانقلاب، وحاول مع تخفيف السيارة لسرعتها أن تتجه للجهة اليمنى، هذا ما أعرفه وأنفذه ولكن هل يستطيع غيرنا فهمه؟، ونحن لا نتلقى أي تعليم لمخاطر القيادة عندما نتقدم للحصول على رخصة القيادة، إذاً لماذا ندفع تكاليف إنشاء مدارس تعليم القيادة؟، فعندما حصلت على رخصة القيادة لأول مرة اجتزت اختبارين فقط احدهم لإشارات المرور، والآخر طريقة القيادة والوقوف فقط لا غير، كأن السلامة على الطريق ليس لها أي أهمية!..

رجل المرور عندما باشر الحادث لم يرجع في تحليله له إلى كاميرات المراقبة وإنما إلى أقولنا، وكتب في تقريره أن الحادث ناتج عن انحراف مفاجئ ولم يذكر نهائياً السبب الحقيقي وهو انفجار إطار السيارة الكورلا..

ما زلت إلى هذه اللحظة أشعر بألم يعصف بجانبي الأيمن لا أستطيع النوم عليه.. أو حتى الجلوس براحة.. أو التنفس بعمق، وكأن قدري يخبأ لي نهاية مؤلمة على طرق الرياض، بعد خسارتي لسيارتي..

قارئ واحد معجب بالتدوينة.

أعجبتني

غير معجب