بين براعم وأجيال اختلاف شاسع فكرياً..

تتغير مفاهيم البشر تبعاً لاختلاف الأحداث من حولهم، وتتغير القناعات وفقا لتكثيف إعلامي لحدث معين، ويختلف تجاوبهم مع كل حملة إعلامية تزرع في داخلهم إحساس جديد، في اليابان يعتبر الإعلام أحد أهم التخصصات الجامعية ففي التسعينات كان يحتل المرتبة الثانية من ناحية الأهمية بعد تقنية المعلومات، هذه وجهة نظري قد تحتمل الخطأ والصواب ولكني أردتها أن تكون المدخل الذي أبدأ الحديث من خلاله عن قنوات الأطفال.

فعندما انطلقت قناة براعم القطرية استبشرت خيراً خصوصا أنها تستهدف فئة سنية لم يسبق لقناة تلفزيونية توجيه برامج مكثفة لهم، ولم تخاطب أي قناة تلفزيونية فكرهم وتحاول أن تنمي مداركهم، هذه الفئة السنية بين ثلاث وست سنوات سهلة التشكيل والتغيير والتوجيه، إذا كان الهدف واضحاً والتوجيه مكثفاً ستجد نتائج إيجابية وسريعة، خصوصاً إذا ابتعدت القناة عن الإعلانات التجارية المبرمجة التي تستنزف جيوب الآباء..

ربما يقول أحدكم أن قناتي MBC3 و سبيستون سعودية الهوية والهوى وفيها فقرات تختص بذلك العمر، إلا أنهما قنوات هدفها تجاري بحت، فلنأخذ على سبيل المثال لا الحصر المسلسل الكرتوني أرض الخيول والذي عرض على قناة سبيستون لمدة شهر كامل، وما أن انتهى عرضه وعرفه الأطفال حتى وجدت دمى المسلسل وألعابه بأسعار خيالية في المحلات التجارية والتي تحمل اسم القناة، لتعيد بعد ذلك القناة عرض المسلسل أكثر من مرة مع تكثيف دعائي لهذه الألعاب بين فقرات المسلسل، لا أخفيكم أن المسلسل الكرتوني يحتوي على أهداف نبيلة ولكنها ليست موجهة بأسلوب ينمي مدارك الطفل، وإنما موجهة لاستنزاف جيوب أولياء الأمور، وعلى هذا يكون القياس..

وأيضاً من الممكن أن يقول أحدهم أن قناة المجد للأطفال ذات رسالة هادفة وتوجه نبيل، وأنا لا أنكر ذلك أبداً، ولكن الجرعة الدينية في القناة مكثفة بقوة مع تجاهل للكثير من المدارك الأخرى لدى الطفل، وعلاوة على ذلك هي قناة مشفرة لا تشاهد في كل منزل، إذا أتوقع أننا لن نختلف إن قلت أن توجهها تجاري بحت لانتهاجها أسلوب الدفع مقابل المشاهدة..

قناة براعم كانت موجهة وبدون إعلانات تجارية من السادسة صباحاً وحتى الثامنة مساءً، شاهدت بعض برامجها مع البداية الأولى لبث القناة واعتقدت أنها مناسبة فلم أتردد في السماح لأطفالي بمتابعتها، ولكن مع مرور الوقت لاحظت بعض التغيرات السلوكية التي لم تعجبني، ففي النهاية أنا لا أريد أن يتحلى أطفالي ببعض السلوكيات الوافدة من خارج حدود الوطن، إلا أن التغيير لم يكن سهلاً، وخصوصاً الاستغناء عن القناة في المنزل بعد أن تعود عليها الصغار..

بعد إطلالة قناة أجيال الأولى لم أتوقع أن يكتب لها النجاح في منزلي خصوصاً وأنها قادمة من رحم قناة غصب 1 وغصب 2، التي لا أشاهدهما إلا ما ندر، بالإضافة إلى أنها غير موجهة لسن معينة، ولكني صعقت عندما لاحظت اختلاف الدبلجة في بعض المسلسلات الكرتونية عن الدبلجة المستخدمة في قناة براعم، فلم أكن أتوقع أن تختلف لهذا الحد بين قناتين خليجيتين، فدبلجة أجيال تحجب بعض السلوكيات التي لم تعجبني في دبلجة براعم..

المسألة ليست قمع للطفل، وإنما هي توجيه لسلوكه، وتقويم لآدابه، بعيداً عن عنف العبارة وتغيير الانتماء، فالسماح للطفل بمشاهدة أي برنامج أعتقد أنه عنف أسري، فهناك قنوات موجهة للأطفال مثل قناة هادي لا أحبذ أن يشاهدها طفل إلا بوجود شخص بالغ معه، مع أنها موجهة لهذا السن، ربما هي اختلاف الثقافات..

إنشاء قناة مخصصة للأطفال من قبل تلفزيوننا المحلي أعتقد أنها أفضل فكرة وأنجح خطوة قدمها لنا وزير الإعلام الجديد عبدالعزيز خوجة، إلا أنني أرى ضرورة الاستعانة بالخبرات المحلية من الكتاب والقصاص المهتمين بأدب الطفل، لإعداد برامج القناة وإجازة الدبلجة للمسلسلات الكرتونية، لا سيما وأن الكتابة للطفل من أصعب فنون الكتابة..

همسة
الحملة الإعلامية عن أنفلونزا الخنازير والموجهة لطلاب المدارس من خلال قناة أجيال حققت وعياً جيداً لدى البراعم الصغار، لذا تبديل بث القناة الثانية على اللاقطات الأرضية بقناة أجيال سيحقق الفائدة المرجوة في براعم المنازل السعودية التي تحارب لاقطات الإرسال الفضائي..

4 قراء تعجبهم التدوينة.

أعجبتني

غير معجب