لم أكن أود أن أكتب مثل هذه التدوينة، حتى أجبرتني الصدفة على كتابتها، فلم أكن أتوقع أن أقابل هذا الشاب للمرة الثانية، في المرة الأولى تعاطفت معه ففي طريق الخدمة لخريص وقبل إشارة شارع العليا العام، أوقفني هذا الشاب قائلاً إن إخوته لا يجدون ما يسد رمقهم، توقعت أنه يهذي فمنظره لا يدل على حالة مأساوية، ولا المنطقة التي يطلب الإحسان فيها، ولكنه كان يطلب اليسير الذي لا يعجز أحد عن توفيره، طلب فقط دجاجة ورز، سألته عن اليسير الذي يطلبه من أي سيحصل عليه، أخبرني عن مكان لا يعرفه إلا متمرس بالمنطقة، ولكنه قال أنه لا يملك سيارة وطلب مبلغ التوصيل..
تعاطفت كثيراً مع الشاب ولكني ترددت في مساعدته، فأنا في العادة لا أساعد أي شخص يستجدي الناس عند الإشارات والمحلات التجارية، فلست أومن بصدقهم، هناك جمعيات خيرية وضمان اجتماعي يكفل لهم اليسير فلماذا لا يذهبوا لهم إن كانوا فعلاً محتاجين..
حاولت التخلص من الشاب، وهو مستمر في ملازمتي يغيب لثوان ثم يعود، ومن شدة إلحاحه شعرت أنه فعلاً محتاج عندما قال خذني معك في سيارتك، ولم يبقى بيني وبين مساعدته إلا شعره واحدة، فهممت أن أدفع اليسير الذي طلبه إليه إلا أنه أضاف إلى هذا اليسير ضعفيه عندها توقفت وتركته وعدت إلى سيارتي لزيادة شعوري بأنه كاذب..
في السيارة عاتبتني زوجتي على ذلك، فعدت للبحث عن هذا الشاب ولم أجد له أثر نهائياً في المنطقة، وجدت سيدتين حاول الشاب استجداء عطفهما إلا أنهما لم يلقين له بالاً، شعرت بتأنيب الضمير ورسخت صورة الشاب في ذهني، عدت أكثر من مرة إلى نفس المنطقة أبحث عنه إلا أنني لم أعثر عليه إطلاقاً..
جرعة الضمير كانت قوية هذه المرة، لم استطع نسيان الشاب، خشيت أن مكروه أصابه، ندمت كثيراً على عدم مساعدته، شعرت بذنب عائلته يطوق رقبتي إلى يوم الدين..
أشهر عديدة لم استطع فيها نسيان وجه ذلك الشاب.. وأخيراً تنفست الصعداء، مع لمحة ذهول وصدمة عنيفة تعلو محياي، هذا هو الشاب أمامي حيٌ يرزق، مظهر يدل على درجة عالية من النظافة والراحة غير الحالة التي رأيه فيها أول مرة مع أن حالته فيها لم تكن رثة إطلاقاً، المنطقة ليست بالقريبة نهائياً إنه في حي الريان، يستجدي سيارة بالقرب مني، دلف إلى محل لبيع ألعاب الأطفال ودخلت خلفه معي ابنتي فقط، أحضر لعبة أعطاها لابنتي سألته بأنني سبق وأن رأيته، أجاب بحدة “أبي عشرة”، ندمت على تأنيب الضمير الذي لازمني لفترة.. طردته، عاد وألح بنبرة أغلظ من الأولى “أبي عشرة” ارتعبت ابنتي، أردت أن أضربه ولكني خشيت على الصغيرة معي.. طردته مرة أخرى، ابتعد عني وهو يسب ويشتم ويهدد بأنه سيطعنني في يوم ما..
لم تزيل كل أنواع الألعاب في المحل الرعب الذي لازم وجه ابنتي وسيطر عليها، حاولت تهدئتها وبعد برهة عندما زال الرعب عن ابنتي، مع أن الذهول لم يغيب عن وجهي، سألت بائع المحل عن هذا الشاب ليجبني بأنه سعودي معتوه أو إن صح التعبير مجنون وستجده في كل مكان تذهب إليه، وباستمرار يطلب المال من الناس..
شريط من الذكريات يمر سريعاً أمام عيني، بدأ من زميل في المرحلة الابتدائية المصاب بالصرع، إلى تيك الفتاة التي تعاني من رهاب اجتماعي أو ربما توحد وعدم تأقلمها مع المجتمع وإصرار عائلتها على عدم عرضها عن أي طبيب نفسي، إلى ذلك الرجل الذي أراه كيف يتصرف في صلاة الجمعة فلا أرتاح إطلاقاً لتصرفاته، وانتهاءً بالأحداث الأخرى التي نقرأها بشكل يومي على صفحات الصحف، ولا أحد يلقي لها بالاً..
هل أتحمل مسئولية هؤلاء وأتعرض للتهلكة أو التصفية على يد أحدهم، بالرغم من أن أسرهم لا تهتم بضبط تصرفاتهم، ولا الانتباه لصحتهم، أم أن عدم وجود مستشفيات للصحة النفسية في البلد هي ما أوصلتنا لذلك..
لا أريد أن أزيد على ذلك، ولكني أسأل الله أن يحمينا من هؤلاء الذين هم خطر على أنفسهم أولاً، وعلى المجتمع برمته ثانياً، وأن يشفيهم مما ابتلاهم به..
الحمد لله على كل حال والله يشفيه
بصراحة نسمع و نشوف اخبار عن اشخاص وصلوا لمرحلة من التعب النفسي واعتقد ان هذا نتيجة ام للعنف الاسري او الشتات الاسري
لا تلومه شاف الكرشه قال لا زم اساعده على تخسيس الوزن
سامحني حبيت اتطنز معك
محمد المستقبل امامك فلا تتردد
دعواتي لك بالتوفيق
اسال الله تعالي ان يشفي كل مريض
انا اعتقد من عدم وجود مستشفيات عندنا مخصصه في الطب النفسي
مشكوره
نسأل الله العافية
وصج الله يحميكم منهم لأن بوجودهم خطورة على المجتمع! ومفروض في مستشفيات تعالجهم او تمسكهم ..
الحمدلله يا ربي على العافية .. الحمدلله
الله يشفيه ويشفي الجميع مما ابتلاهم ..
يعطيك العافية أستاذي