أول ما تحث الخطى متوجهاً لبوابة الجنادرية لا بد أن تلاحظ كثرة بائعي الطبول قبل بوابة الدخول وبعدها، وتزايد الإقبال على اقتنائها، وكأن ثقافتنا انحصرت في هذه الآلة فقط، وبعد ذلك لابد أن يدهشك زوار المهرجان وهم يحملون العصي في أيديهم كجزء آخر يكرس معنى العنف في ثقافتنا، وكأننا لا نعرف من تراثنا إلا العصا والطبلة..
وقبل أن تصل إلى مقر المهرجان بأكثر من العشرة كيلوات لا بد وأنك راجعت نفسك مراراً وتكراراً في العودة إلى الرياض، فمنظر الغبار من حولك يدفعك للتفكير ملياً في تكرار الزيارة، وما إن تتأمل المثير لهذا الغبار حتى تنتابك لحظة من الحنق والغضب، لتتأكد بعدها أننا نمتلك موروثاً جيداً من الأنانية وحب الذات، فلا يثير الغبار إلا السيارات التي تتجاوز الطريق المعبد إلى المنطقة الترابية لتتجاوز الزحام، وتصل بسرعة لمقر المهرجان..
وبعد أن تتجاوز بوابة دخول السيارات تجد نفسك في حيرة من أمرك، في أي مكان ستترك سيارتك، فالمواقف بلا ترقيم، ولا تنظيم، ومن تجربة إذا لم تحدد جيداً مكان سيارتك ستجد نفسك تبحث عنها لساعات طويلة، وليت رجال المرور اللذين يتولون التنظيم يتعاونون معك، فعندما ذكرت هذه المعاناة لأحدهم كانت إجابته بأنه على كل زائر للجنادرية أن يحضر معه علامة تميز مكان سيارته، وليتني امتلكت الشجاعة لأرد عليه مثل سفيرنا المبجل “عندك حلول”..
وعند بوابة الدخول يتكرر ذات السيناريو مع كل مهرجان أو مؤتمر، أو حتى عند بوابة مجمع تجاري، تجمهر كبير من الشباب الممنوعين من الدخول لأنها أيام العائلات، وحتى العائلات لا تستطيع الدخول من تجمهرهم..
ترى ألا يشاهد الشباب جدول المهرجان؟، أم أنهم يتعمدون الحضور في مثل هذه الأيام؟..
وبعد الدخول للبوابة لابد وأن تبحث بنفسك عن مكان الاستعلامات، ولا بد أن تبحث عن أسواره بيانات لتضعها على معصم طفلك، وأن تبحث عن خريطة المهرجان في كل نقطة استعلامات حتى تجدها، لأنه ببساطة لا توجد نقطة استقبال تتولى الرد على استفسارات الزوار وتزويدهم بما يضمن لهم جولة ممتعة..
وعند الوقوف على أجنحة المهرجان لا بد أنك مللت من العبارة التي يرددها العارضين “مجهود فردي بدون دعم”، أو “الشباب اللي في الجناح كلهم فزعة”، – ولا استغرب ذلك لأن “الفزعة” جزء من موروثنا الثقافي – ، وستلاحظ ذلك أيضاً في طريقة تعامل القائمين على الأجنحة مع الزوار، ففي جناح مكة المكرمة جلست مع ابنتي على الدكة، فإذا بالعارض يصرخ من بعيد في وجهة سيدة أرادت أن ترى ما بداخل الزير قائلاً “ليسَ للمس”!، ولم استسغ ما حدث، فنبهت العارض على ضرورة التأدب مع الزوار فهم تكبلوا عناء المشوار ليشاهدوا الماضي كيف كان؟، فهل لا بد أن يكون العارض بقسوة الماضي؟..
كان بالإمكان أن تُضع لوحة تبين وبوضوح المنع للمس المعروضات، وأيضاً من الممكن أن يقف العارض بأدب أمام المقتنيات الأثرية ويشرح للزوار استخداماتها..
في طرقات المهرجان لا بد أن يصل لك فكرة أننا شعب غير متحضر، ففي كل مكان هناك قمامة، وكأننا في مهرجان القاذورات، وكأن الزوار لا يعرفون معنى الحضارة، بالرغم من توفر حاويات القمامة في كل مكان، إلا أننا تعودنا على عدم النظافة..
وأيضاً في طرقات المهرجان سيشدك منظر شبابنا وعدم احترامهم للأماكن العامة، وهذا يجعلك تتذكر كيف كان يمنع هؤلاء من دخول المهرجان؟، وتتساءل كيف دخلوا؟!..
وفي طرقات المهرجان أيضاً ستشاهد كيف يحتقر هؤلاء الشباب ثقافتهم؟، حتى أني سمعت أحدهم يقول “بعد جناح اليابان تبغى ندخل جناح جيزان”، ترى ألم يعي هؤلاء الشباب أنهم في مهرجان تراثي!!..
و يا لمرارة المنظر ستشاهد في طرقات المهرجان كيف يعبث الشباب والصبية خلف الفرق الشعبية الجوالة التي تجوب الأماكن هنا وهناك من أجل أن تمتع الزوار، لتتوقف هذه الفرق عن الغناء والعزف لسبب واحد مضايقة الناس لهم.. ترى لماذا لم تقم إدارة المهرجان بتخصيص مسار للفرق الشعبية الجوالة؟، من أجل تحقيق متعة أكبر للزوار، وعرض الفلكلور الشعبي لجميع المناطق بدون عبث وتشويه من الصبية..
نعم هذه هي الجنادرية تعرض ماضي جميل وقاسي.. وتقدم حاضر مشوه وممجوج!!..
اذكر قبل 4 سنوات أو أكثر ذهبت للمهرجان وبعدها ما عاد رحت للأسباب التالية :
* الزحمة الشديدة في الطريق للذهاب أو العودة حتى تصل للمهرجان
* وقفت سيارتي في مكان خارج المواقف (ما يمديك توصل) وبصراحة ما أدري كيف لقيت السيارة بعد الخروج (على النية)
* تمركز أغلب الناس في جناح المدينة المنورة مما سبب زحمة فوق الزحمة
* عدد الأجنحة المميزة قليل ومع مرور الزمن تشعر بالملل
* الناس جايه تأكل وتملئ بطونها
* بعض الشباب عندنا الظاهر انه جاي من كوكب ثاني