جراحنا..

في كل عام لنا جرح ينزف، لنا مأساة وألم، لنا قصة مع الاضطهاد والسجن وقمع الحرية، في كل عام لنا جرح جديد..
هذه الجراح لا يمكن تضميدها، نحن نهوى اللعب فيها، رائحة نزيف الجرح تمتعنا، وكلما زاد نزف الدم زدنا سُكراً وغرورا..

بالأمس القريب كان جرح فلسطين، فأفغانستان، ثم العراق، كان العامل المشترك بينهم عدو خارجي يتربصنا، لم نستطع التغلب عليه، ولا حتى التعايش معه..

اليوم جراحنا كثيرة في اليمن وليبيا وسوريا، والعامل المشترك بينها رئيس دولة يهين شعبة، يدوس على كرامتهم، يبصق عليهم، ويقول أنتم عبيد لي، كلمتكم مقيدة، وحريتكم منتهكه، وليس لكم ولياً ولا نصيرا..

الدم العربي لم ينتهي، ومداد الدموع لم يجف، وصرخة الألم تضل تدوي من شمال سوريا.. إلى اليمن، ومن حدود العراق مروراً بليبيا إلى البحر..

لدينا العنصرية، ولدينا الطوائف، ولدينا التخلف، ولدينا الإقصاء، إقصاء من حق كفلته لنا بشريتنا، وكفله لنا ديننا، لكن دُعس على إنسانيتنا، فليسَ لنا الحق لا في الكلمة ولا في التعبير ولا في الرأي، إما أن نوافق بالإجماع، أو نباد كلنا، والعالم يتفرج ونحن ننحر على أعتاب بيوتنا..

آه.. يا عرب.. كم أتعبتم من سيأتي بعدكم.. لن يجد طريقة أفضل من طرقكم للإبادة..
آه.. يا عرب.. لن تنتهك أرض كما انتهكت أراضينا.. ولن يعاقب شعب بأشد مما عوقبت به شعوبنا..

أي ذنب اقترفناه.. حتى نعاقب مثل هذا العقاب.. حتى نبلى برئيس دولة لا يعرف عدلاً.. ولا يقيمُ حدود الله..
أي ذنب اقترفناه.. حتى نهان في أوطاننا.. وتنتهك حرمة دورنا.. ونتجرع الأسى والمرارة.. ليلة بعد ليلة..
أي ذنب اقترفناه.. حتى يبطش بنا من وليناه أمرنا.. لم نرتضيه.. ولكنا أمرنا بالسمع والطاعة.. سمعنا وأطعنا.. فابتلينا وأُبدنا..
أي ذنب اقترفناه.. حتى لا نصوم رمضان برخاء..

يا عظم الذنب.. ربنا سكوتنا على جور الحكام أزمنة عديدة.. هو ذنبنا.. ربما سكوتنا عن المطالبة بحقوقنا أزماناً مديدة.. هو ذنبنا..

آه يا وطني العربي..
آه يا وطني الإسلامي..

وليس لنا السكون وقول الآه.. كما قال الشاعر عمر أبو ريشة رحمه الله:
“رب وامعتصماه انطلقت *** ملء أفواه الصبايا اليتم
لامست أسماعهم لكنها *** لم تلامس نخوة المعتصم”