جلسات كبار السن دائماً ما تكون ممتعة وشيقة، خصوصاً إذا اقترنت بالحديث عن مغامراتهم مع الجنس الآخر، فهذه الأحاديث متعتها تتجلى في انفتاح مجتمعنا في تيك الفترة مقارنة بالتشدد الموجود حالياً، فيا لغرابة هذا المجتمع الذين يتغير نحو التزمت والتشدد..
في إحدى الجلسات التي حضرتها يقول صاحبنا المغامر: كان هناك جلسة صباحية للنساء، كنت أتوق لمعرفة ما يدور خلالها، ولكن لم تواتيني الفرصة، إلى أن جاء يوم كنت اجلس في “دكان” صديقي، وحالفني الحظ بأن تكون جلسة النساء في بيته، فعرضت عليه أن نسترق السمع ونعرف ما يدور في الجلسة، لنعرف ما يدور في عقول نسائنا، ونقوم سلوك زوجاتنا، ونامن مكرهن..
صديقي كأن أكثر مني تشوقاً لمعرفة كيف يكون المجلس النسائي، جلسنا بالقرب من النافذة نسترق السمع، لم نكن نتصور أن يكون الحديث بمثل هذه الدرجة من الفحش، ولم نكن نتصور أن أحاديث النساء تنحدر إلى ذلك المستوى، بل لم نكن نتوقع أن حياء نسائنا لا يتجاوز السكوت عن النطق بالقبول عند الخطبة..
أمعنت النظر في وجه صديقي ورأيت الامتعاض غطى تفاصيل محياه، فمن يستطيع أن يحتمل أن تكون أحاديثهن في المجلس النسائي عن “أجساد الأزواج”، وهذا الوصف الموغل في الدقة، استمتعنا كثيراً ونحن نعرف الأحجام وطرق الحياة لجيراننا في الحي، ولكن صديقي جل ما كان يخشاه أن يصل الدور إلى زوجته..
وأستمر صاحبنا كبير السن في الحديث قائلاً، في مجالس الرجال لا يصل الحديث عن النساء إلى تحديد امرأة بعينها، نحن نتكلم بالعموم، بينما في المجلس النسائي كان التحديد فاضحاً جداً، لم أستطع بعد سماع تلك الأحاديث أن أضع نظري في نظر أزواجهن، يتخيل إلي عندما أرى أحدهم أنني أعرف أدق تفاصيله، وأن ستره قد فضح أمامي، ليتني لم أسترق السمع حتى يصل بي الحد إلى هذه الدرجة من الندم..
يقول صاحبنا المغوار عن بقية الجلسة النسائية، عندما بدأت زوجة صديقي بالحديث قالت “جسده مثل جسد المولد.. في بياضه”، لم يحتمل أن تستمر زوجته في وصف بقية الجسد، وإذ به يقتحم المجلس النسائي وقد أحمرت وجنتاه من الغضب، وأنزل أنواع الشتائم على هؤلاء النسوة، وفرق جمعهن..
انتهى وصف صاحبنا كبير السن للمجلس النسائي، ما ذكرني بهذا الحديث هو حديث صاحبنا “عبدالله” في تويتر بالأمس حول منتدى “عالم حواء” ومطالبته بحجب المنتدى، وأنه السبب في انحراف النساء عن جادة الصواب، وسؤالي كيف لشاب أعزب أن يقرأ أحاديث بنات حواء إلا لحب الإطلاع على هذا العالم، فمنتدى “عالم حواء” مثل أي مجلس نسائي، يبقى له نكهته وطعمه الخاص، ويستدعي فينا حب التطفل على هذا العالم الجميل..
اعتراض صاحبنا “عبدالله” على المنتدى هو عن موضوع بعنوان “استفسار بخصوص مكافأة المبتعثين مغتربة جديدة“، ذكرت فيه إحدى المشاركات عبارة “خلك ذكيه عوديه على شي مستمر”، وتناسى صاحبنا مثلنا العربي الشهير “ابنك على ما تربيه، وزوجك على ما تعوديه”، صحيح أن المعنى أختلف ولكن هي الفكرة ذاتها، ولكن هل أحاديث النساء صحيحة، أعتقد أن الحياة الزوجية لا تحكمها جملة في منتدى، فهناك ارتباط مقدس ومختلف بين الزوجين، مهما تناقشت بنات حواء في هذه المواضيع، يضل القفص الذهبي هو المتحكم في الأمور، ولن تستمر حياة زوجيه في ظل مكابرة الطرفين، أو بخل الزوج وعدم قيامه بواجبات زوجته..
يبدوا أن صاحبنا “عبدالله” لم يقرأ الموضوع بالكامل فهناك من قالت “الأزواج مختلفين”، وهناك من قالت “إذا ما قصر معك خير وبركة”، وهناك من قالت “الفلوس إذا دخلت بالموضوع صارت مشاكل بين الزوجين”، فهناك مساحة للون الأبيض في الموضوع، وليس جميع الردود على الموضوع تتحلى بالون الأسود، والأمر في أي منتدى لا يتعدى أسم مستعار ومساحة للتنفيس، وهذا ما جعلني أكره المنتديات عموماً، ولم أكن أحد فرسانها في يوم من الأيام، ولكن أدعوا صاحبنا الجميل “عبدالله” إلى التريث في الحكم على المنتدى النسائي، والتعقل قليلاً، فباعتقادي أن أحاديث النساء لا تزيد عن كونها تنفيساً في تيك الساعة فقط ولا تزيد..
همسة
كتبت التدوينة مع ثقتي أن صاحبنا “عبدالله” ليس من هواة مصادرة الرأي الآخر، وأثق أنه لا ينتمي للمقولة “إذا لم تكن معي فأنت ضدي” نهائياً، فهو شاب مثقف ومتفتح..