تغلب (معمر القذافي) وأبنائه وببراعة على جميع المسلسلات الرمضانية، بل وأجاد حبكة القصة ورفع درجة الإثارة في نهاية حلقات المسلسل لهذا العام، فمن مقاومة إلى اعتقال ومن ثم هروب، تلك هي حال الأبناء، أما الأب تتابعت بيانته في الصدور إلى أن حانت ساعة الهروب..
المثير في هذا المسلسل أن كل قناة فضائية تكتب سيناريو الرواية وتسجل أحداث التاريخ بشكل مختلف عن الأخرى، فقناة الجزيرة يظهر جلياً وقوفها مع الثوار، بعيداً عن شيء اسمه رأي آخر كعادتها، وأعتقد أن الجزيرة أبدعت خلال الثورات العربية في المراهنة على تعاطف الجمهور، فهي تقدم ما يريد المتابع للقناة أن يعرفه، بل وتراهن على أن المتلقي لا يريد أن يعرف إلا أخبار الثوار فقط، وأخبار النجاح أيضاً وليسَ الفشل، لذا فهي تتابعهم (زنقة زنقة)، ونجحت في التغطية لتقديمها ما يريده المتلقي وليسَ الحقيقة، وخير دليل على ذلك تجاهلها لخبر هروب (سيف الإسلام القذافي).
أما العربية فهي تغني (ظلموه)، تحاول أن تكون حيادية، وأن تبحث عن خبر يكون لها فيه السبق، ولكنها رسبت في درس الثورات العربية، فلم تستطع أن تكون حيادية، ولم يتقبلها الجمهور لأنه لا يريد الحيادية، العربية من وجهة نظري راهنت كثيراً على خبر هروب (سيف الإسلام) ولكن مراهنتها كانت خاسرة، فما الفائدة من التركيز على خبر هروب أبن رئيس الدولة، فيما رئيس الدولة محاصر في باب العزيزية وتقصفه الطائرات، وهذا ما جعل أحد المغردين في (تويتر) يصفها بأنها ضد الشعوب العربية..
قناة (العروبة) نجحت هي الأخرى في الظفر بجزء من كعكة المشاهدة الرمضانية، وساهمت بوضع بصمتها بقوة على خارطة الأحداث الليبية، باحتوائها (معمر القذافي) بعد فراره من خلال تقديم بياناته، وبيانات المتحدث الرسمي للحكومة الليبية المنهارة (د. موسى إبراهيم)، وكأنها تذكرني بحال قناة الجزيرة أثناء الغزو الأمريكي على أفغانستان عندما احتضنت بيانات أسامة بن لادن يرحمه الله وتسجيلاته الصوتية والمرئية، وشتان بين شخص يتحدث ببراعة، ومعتوه يثرثر..
الأعلام الجديد كان غائباً في كل صوره عن ليبيا، فلم أرى مقاطع فيديو، أو صوراً لما يحدث عند اقتحام طرابلس، ولم نستطع التعرف على حقيقة الوضع من المواطنين أنفسهم، لذا امتلكت القنوات الفضائية زمام الأمور، وإن كنت أرى أن قادم الأيام ستظهر لنا وعبر وسائل الأعلام الجديدة أبشع الصور ومقاطع الفيديو لما حدث في طرابلس..
هذا ما يخص المسلسل الليبي الذي تفوقت فيه القنوات الفضائية، أما ما يخص مسلسل محاكمة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، فقد انتهى بدون إثارة من حلقاته الأولى بمنع البث التلفزيوني لبقية حلقات المحاكمة، ولا زلنا بانتظار بث الحلقة الأخيرة للنطق بالحكم..
إذا أردتم رأيي، فعندما أرغب بأن أكون مشحوناً وغاضباً ومتزمتاً في الرأي مع إتاحة مساحة ضئيلة للرأي الآخر أتابع قناة الجزيرة، أما عندما أرغب بأن يكون الهدوء حليفي، وأن أكون مغلوباً على أمري، وأرغب بالحيادية على مضض أتابع قناة العربية..
صادق هذا السرد … وكما ذكرت في آخره فعلاً هذا ما يحدث
المشكلة ليست في القنوات .. خاصة العربية والجزيرة المشكلة في الصورة النمطية عنها حتى فقدنا النظرة العادلة أحياناً تتفوق العربية وأحياناً الجزيرة .. والاهدأ منهما البي بي سي
الجزيرة بتحيزها قد نقول بأنها كان تحيز إيجابي للمتلقي … يبقى الإعلام دائما يذكر جزء من الحقيقة والتاريخ يكشفه كاملاً 🙂