ميزة مواقع الشبكات الاجتماعية أنها لا تخضع لرقابة أحد، أيضاً لا ينحصر استخدامها عن طريق مواقع الإنترنت فقط، وإنما يتنوع هذا الاستخدام إلى أبعد من ذلك، فبالإمكان تصفحها عن طريق البرامج الخاصة على أجهزة الحواسيب، أو عن طريق البرامج المخصصة للهواتف النقالة، وهذه البرامج لا تستطيع الحكومات فرض الرقابة عليها، مثلها مثل البريد الإلكتروني لك حرية الإرسال وحرية الاستقبال، ولك الحق في خصوصية تامة لا يطلع على ما تفعله أحد..
منذ أحداث الربيع العربي أضحت مواقع الشبكات الاجتماعية تقض مضاجع الكثير من الدول، وانعكست الآية على الغرب وأحداث وول ستريت، وهذا باعتقادي ما دفع الكثير من الدول للضغط على تويتر من أجل إيقاف تحكم الشعوب بالقيادات، ويبدوا أن تويتر والتي كان لها قصب السبق مع شقيقتها غوغل بتخصيص هاتف أرضي في مصر إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير لاستقبال تغريدات الشباب استسلمت لضغوط الدول وتسعى لإيقاف حرية التغريد في الموقع.
لا نستطيع أن نقول أن الحظر ظاهرة عربية فقط وإنما تعتبر النازية حديث غير مرغوب فيه في ألمانيا وفرنسا، وتحظر موادها أو حتى إثارتها، وأيضاً مع مطلع الألفية الثانية كانت أوروبا تخشى من تأثر شعوبها مع انفتاحهم بالثقافة الأمريكية، وكان هذا الأمر مقلق للحكومات هناك، فلم يعد هناك شيء محظور بعد الانفتاح المعلوماتي، أيضاً الصين إنعزلت بشكل كامل عن العالم وشكلت الإنترنت الخاصة بها، ونجحت في ذلك، وها هي الآن تغزو العالم من شرق وغرب بمنتجاتها التقنية التي تتفوق بها على الكثير من المنتجات الغربية، ولعل سياسة تويتر الجديدة، والتي تعتزم فيها السماح بحظر التغريدات غير المرغوب فيها عن مستخدمي تويتر في دول معينة، أو بناءً على طلب دولة معينة، ربما يغير في الفترة القادمة من حرية الإنترنت، لتصبح هي الأخرى سجن افتراضي يصعب التعامل معه.
سياسة تويتر الجديدة لا تنطبق مع ما اتجهت إليه عندما قاتلت وبضراوة على إلغاء القوانين المزمع التصويت عليها في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكية لحماية حقوق الملكية الفكرية، فبالرغم من نجاح محاولتها مع شقيقتها غوغل للحفاظ على حرية متصفح الإنترنت، إلا أنها فجعتنا بمثل هذا التنظيم.
هذا التباين في الآراء عند تويتر يجعلني بين مصدق ومكذب لما تنوي فعله، ويجعلني أتوقع أن الأمر ربما يكون مجرد استعداد من تويتر لشهر أبريل وكذبة أخرى، تنافس بها شقيقتها غوغل والتي برعت في ترقب شهر أبريل بكذباتها، أتمنى أن لا تكون الحقيقية هي تقييد الحرية.
في اعتقادي أن تويتر ستدق أول مسمار في نعشها إن هي منحت الحكومات خاصية لإيقاف شيئاً من المحتوى عن شعوبها، فما ساهم في شهرة تويتر عند الشعوب هو المعلومة المختصرة أولاً والتي لا تتجاوز 140 حرفاً، وسرعة التجاوب من جميع الأشخاص وفي جميع المواقع حول العالم ثانياً، وثالثاً عدم خضوع تويتر لقوانين الرقابة في أي دولة، حتى لو حظرت الدول الصفحة الرئيسية للموقع، يبقى بالإمكان قراءة محتوياته عن طريق برامج الحواسيب، وبرامج الهواتف النقالة، وبمجرد أن تبدأ تويتر بسياسة الحظر والرقابة سيهجره أغلب زواره، ويبدأ البحث عن مساحة أخرى لحرية جديدة، فهل يكون 2012 هو نهاية أسطورة تويتر.
تحديث:
فهمت الموضوع على أن تويتر ستتيح للحكومات حرية تقييد التغريد بدون تدخل من إدارة تويتر، ويبدوا أن الموضوع أكثر تعقيداً من ذلك ولن تتاح مثل هذه الخاصية للحكومات، سأتريث قليلاً لحين أن يتضح شكل التنظيم الجديد..