سبق وتحدثت عن الرسالة الهادفة التي تقدمها شركة زين للاتصالات في إعلاناتها التجارية، فهي تقدم رسائل مميزة تأصل مبدأ الرحمة والغفران، أو رسائل دعوية، أو حتى رسائل تحاول فيها أن تزرع الفرحة والابتسامة على محيا الصغار قبل الكبار، بدون أن تصل لحد الإسفاف بعقولنا أو أن يكون الهدف الرئيسي هو جيوبنا.
بعد هذه السنوات والتي قدمت فيها شركة زين العديد من الإعلانات الهادفة، نجد اليوم الشركات بدأت تحذو حذوها، فنجد إعلان جينة بوك والتي تحاول الطفلة أن تقدم رسالة هادفة حول الصيام وبر الوالدين، وإعلان بنك البلاد والذي يكرس مفهوم أن الدين هو المعاملة.
يخطئ كثيراً صناع الإعلان في السعودية إن توقعوا أنهم بالإسفاف أو الفكرة الهزيلة سيجعلون المشاهد ينتظر أمام التلفاز لكي يشاهد إعلاناتهم أو يقبل على الشراء من منتجاتهم، فالآن لم يعد المشاهد مجبر على قناة واحدة فقط يتابعها، علاوة على ذلك هناك الكثير من أجهزة الاستقبال الرقمية والتي يستطيع من خلالها المتلقي تقديم أو تأخير بث المادة التلفزيونية ومشاهدة ما يريد بدون أن يتحكم فيه وقت البث، علاوة إلى تحول أكثر المتابعين لمشاهدة برامج التلفاز من خلال اليوتيوب، كل هذه العوامل ليست في مصلحة الفكرة الهزيلة، وإنما ستكون الفكرة الجيدة هي التي ستحقق النجاح وستجعل المشاهد يذكر منتج الشركة بالخير.
أما إعلانات من قبيل “هاه يالخبزة” أو “رحلة رقم زيتون زيتون زيتون” فما الرسالة التي توجهها سوى أنها مدعاة للاستهلاك أكثر، وبعيدة كل البعد عن مخاطبة عقل المتلقي، وتوجيه الرسالة بكاملها إلى جيب المتلقي، فالهدف من الإعلان الواضح والصريح هو الحصول على المال، بينما الإعلانات الهادفة فهدفها المعلن هو التوعية أو تقديم المعلومة، وهدفها المبطن هو الحصول على المال من جيب المتلقي.
مازلت الإعلانات لا تصل إلى فهم المتلقي والتأثير عليه، فسابقاً كان تأثيرها على الأطفال لأن تعدد الشخصيات وسرعة الأداء وإبهار الألوان يجذبها أكثر، أما الآن فلم تعد تجذب حتى الصغار، لارتباطهم بالمنتجات التقنية وتطبيقاتها والتي تبهر عقولهم أكثر.
في اعتقادي أنه انتهى عصر الإعلانات المتلفزة أو المطبوعة التقليدية، وتفوقت عليها إعلانات الإنترنت، فهي أكثر مشاهدة ومضمون إيصالها إلى المستهلك المستهدف بسرعة وسهولة، بينما الإعلانات المصورة والتي تحتاج لأكثر من ثلاثون ثانية فليس لها جدوى ما لم تكن فكرتها قوية وهادفة تستهدف العقول وتشد الأبصار، وليست تستجدي العاطفة.
الإعلانات التجارية التي تستهدف العواطف وتخاطب الجيوب بأسلوب هو أقرب للشحاذة منه إلى الواقعية، لم يعد لها مجال، ولم يعد يستسيغها المتلقي، ولن تحصل إلا على تندر المستهلكين بعيداً عن الحصول على ما في جيوبهم.
